Page 137 - HANDBOOKOFGIFTEDEDUCATION
P. 137

‫فعلى �سبيل المثال‪ ،‬أ�ظهرت الدرا�سات التي أ�ُجريت على �أدمغة‬                       ‫‪ 132‬الذكاءات المتعددة‪ :‬وجهة نظر عن الموهبة‬
‫اليافعين‪ ،‬أ�ن ملكات عقلية محددة ُتفقد‪ ،‬في حين تبقى ملكات‬
‫عقلية أ�خرى على حالها دون أ�ي تغيير (‪.)Gardner, 1975‬‬             ‫الذكاء الوجودي للمعايير التي ت�ؤهله للان�ضمام إ�لى مجموعة‬
‫وبطبيعة الحال‪ ،‬ف�إننا لا نقترح �أن ُيظهر الأفراد العاديون‬        ‫الذكاءات الأخرى �ضمن نظرية الذكاءات المتعددة‪ .‬وقد‬
‫ذكاء يعمل با�ستقلالية تامة عن غيره من أ�نواع الذكاءات‬            ‫�ضمناه هنا ب�سبب الفائدة الكبرى المرجوة منه في تحديد‬
‫ا ألخرى؛ إ�ذ ُيفتر�ض �أن الذكاء يعمل بتناغم مع بع�ضه بع ً�ضا‬     ‫الطلاب الموهوبين وتعليمهم (‪ .)von Karolyi, 2001‬من‬
‫في أ�غلب ا ألحيان‪� .‬أ ّما ما يختلف فيه ا ألفراد‪ ،‬فهو ملف‬         ‫جهة �أخرى‪ ،‬لا ُتع ّد هذه الذكاءات الثمانية أ�و الت�سعة الوحيدة‬
‫�إنجازاتهم في الذكاءات بلحظة معينة‪ .‬ونظر ًيا‪ ،‬قد يكون أ�داء‬      ‫المحتملة‪ ،‬بل إ�ن هنالك فر�صة إل�ضافة المزيد‪ .‬ولا �شك في‬
‫بع�ض الأفراد مت�ساو ًيا في �أنواع الذكاءات كافة‪ ،‬بل قد يتفوقون‬   ‫أ�ن مجموع الذكاءات المقترحة �ساب ًقا‪ ،‬يدعم فكرة تعددية‬
‫فيها أ�حيا ًنا‪ .‬وفي الغالب‪ُ ،‬يظهر ا ألفراد قدرات �أكثر �شفافية‬
‫تبدو فيها مكامن القوة وال�ضعف بجلاء‪ .‬وتجدر الإ�شارة �إلى‬                               ‫الذكاءات‪ ،‬لا تحديد مجالها‪.‬‬
‫�أن وجود موهبة في أ�حد أ�نواع الذكاءات‪ ،‬لا يجعلنا نتنب�أ �أو‬
‫نتكهن بامتلاك قدرة م�شابهة لها في أ�نواع الذكاءات الأخرى‪.‬‬                  ‫التمييز بين المجالات والذكاءات‬
‫ويلاحظ �أن لمفهوم ا�ستقلال الذكاءات تداعيات مهمة‬
‫في مجال تربية الموهوبين؛ �إذ لا يمكن افترا�ض أ�ن الفرد‬           ‫في الوقت الذي ُيع ّرف فيه الذكاء �أنه قدرات �أو إ�مكانات‬
‫الذي ُيظهر مهارات لغوية وريا�ضية منطقية‪� ،‬س ُيظهر أ�ي ً�ضا‬       ‫بيولوجية ‪� -‬سيكولوجية �ضمن �سياق الجن�س الب�شري‪،‬‬
‫قدرات متميزة في الذكاءات البين �شخ�صية‪ ،‬والج�سدية‪-‬‬               ‫ف إ�ن المجال يوجد �ضمن �سياق الثقاف ة (�‪Csikszentmih‬‬
‫الحركية على �سبيل المثال‪ .‬كما لا يمكن الافترا�ض ب أ�ن‬            ‫‪� . )alyi, 1988; Feldman, 1980; Gardner, 1999‬إنه‬
‫الطالب �ضعيف الأداء في اختبار الذكاء‪� ،‬أو اختبار التح�صيل‬        ‫بنية اجتماعية‪ ،‬حيث ُيع ّد المجال بمثابة مبد�أ �أو مجموعة‬
‫المقنن‪� ،‬سيف�شل في التميز ب أ�نظمة تعتمد على نوع أ�و �أنواع من‬   ‫من ا ألن�شطة والعمليات التي قد تتيح ت�صنيف أ��صحاب‬
‫الذكاءات ا ألخرى‪ .‬وهنالك العديد من ا ألمثلة التي تدعم هذه‬        ‫المهن وف ًقا للخبرات‪ ،‬وعادة ما تكون مربوطة بنظام رموز‬
‫الادعاءات ال�سابقة‪ ،‬منها‪ :‬معاناة أ�حد ا ألطفال الحا�صلين‬         ‫مخ�ص�ص لهذا الغر�ض‪ .‬وبوجه عام‪ ،‬يمكن تنفيذ �أكثر من‬
‫على معدل ذكاء كلي يقدر بـ (‪ )130‬م�شكلة في فهم الم�سائل‬           ‫نوع واحد من الذكاء في �أثناء العمل في مجال ما؛ إ�ذ تميل‬
‫المكانية‪ ،‬وابن ع�شرة الأعوام الذي يعزف الكمان بمهارة‬             ‫الأن�شطة في مجال الريا�ضيات مثل ًا �إلى ت�سخير الذكاء‬
‫فائقة‪ ،‬مع �ضعف �أدائه في المو�ضوعات الأكاديمية‪ ،‬وال�شاعر‬         ‫الريا�ضي المنطقي‪ ،‬والذكاء المكاني‪ .‬وعلى الرغم من‬
‫الذي يمتلك مهارة قليلة �أو فه ًما متوا�ض ًعا في مجال الذكاء‬      ‫ذلك‪ ،‬فهنالك �أكثر من طريقة كي ت�صبح ماه ًرا في مجال‬
‫المنطقي‪ -‬الريا�ضي‪� .‬إن محدودية موارد برامج الموهوبين‪،‬‬            ‫ما؛ فبالاعتماد القليل على الذكاء المكاني يمكن لبع�ض‬
‫وا�ستقلال الذكاءات‪ُ ،‬يف�سر �سبب ا�ستهداف المجالات‬                ‫ا ألفراد �أن يقدموا �أداء متمي ًزا في المهمات المكانية‪ ،‬عبر‬
‫المحددة التي يمتلك فيها الطالب موهبة فقط‪ ،‬ببرامج‬                 ‫ا�ستعمال ا�ستراتيجيات تعتمد أ��سا�ًسا على الذكاء اللفظي‬
                                                                 ‫والريا�ضي المنطقي‪ .‬ويمكن اعتبار الطالب موهو ًبا في �أي‬
                          ‫تعليمية و�إثرائية خا�صة‪.‬‬               ‫مجال يعتمد على واحد �أو �أكثر من الذكاءات (‪Gardner,‬‬
‫ي�سير كل نوع من �أنواع الذكاءات �ضمن م�ساره التطوري‪.‬‬             ‫‪ .)1993‬وقد يعمد المربون �إلى التطبيق الخا�ص بالذكاء في‬
‫ويتفاوت ا ألفراد بخ�صو�ص المجالات التي ُيع ّدون فيها‬             ‫المجال‪ .‬فعلى �سبيل المثال‪ ،‬قد يعتمد بع�ض الأفراد الذين‬
‫واعدين أ�و في خطر‪ ،‬ف�ضل ًا عن مدى تميز كل فرد �ضمن‬               ‫يبدعون في لعبة (البلياردو) على المنطق الريا�ضي بدل ًا من‬
‫هذا المجال‪ .‬وقد بد�أ مجال تربية الموهوبين بالتركيز على‬           ‫الذكاء الج�سدي‪ -‬الحركي؛ لذا‪ ،‬يجب على المربين القائمين‬
‫�أثر التطور اللامتزامن (الن�ضج غير المت�ساوي في مجالات‬           ‫على تعليم الموهوبين‪ ،‬إ�دراك أ�همية التمييز بين المجالات‬
‫التطور المختلفة) في الطفل الموهوب (‪.)Morelock, 1992‬‬
‫وبالرغم من �أن غالبية التركيز ين�صب على �أثر المعرفة غير‬                               ‫والذكاءات في ا ألحوال كافة‪.‬‬
‫المتزامنة والتطورات الاجتماعية الوجدانية والج�سدية‪� ،‬إل ّا أ�نه‬
                                                                                      ‫ا�ستقلال الذكاءات‬

                                                                 ‫وف ًقا لنظرية الذكاءات المتعددة‪ُ ،‬يع ّد كل نوع من �أنواع‬
                                                                 ‫الذكاءات بمثابة قدرة فكرية م�ستقلة‪ ،‬قادرة على العمل‬
                                                                 ‫با�ستقلالية‪ ،‬وبمعزل عن غيرها من الأنواع الأخرى للذكاءات‪.‬‬
                                                                 ‫وينبع ت أ�كيد هذا الزعم من الدرا�سات الع�صبية النف�سية‪.‬‬
   132   133   134   135   136   137   138   139   140   141   142