Page 152 - HANDBOOKOFGIFTEDEDUCATION
P. 152

‫المرجع في تربية الموهوبين ‪147‬‬

‫لقد ن�شر فران�سي�س جالتون (‪ ،)Francis Galton‬الذي ُيع ّد‬                 ‫من الأزواج المتطابقة الذين تربوا منف�صلين‪ ،‬هو (‪)0.72‬‬
‫ا ألب الروحي لعلم الوراثة ال�سلوكي‪ ،‬أ�ول درا�سة لعائلة من‬               ‫‪ .Bouchard, Jr., & McGue, 1981‬و ألنهم مت�شابهون‬
‫ا ألفراد الموهوبين‪ ،‬بعنوان‪« :‬العبقرية الوراثية‪ :‬ا�ستق�صاء في‬            ‫وراث ًيا‪ ،‬لكنهم لي�سوا من الخلفية العائلية نف�سها؛ ف إ�ن ارتباط‬
‫قوانينها وتبعاتها» (‪ .)Galton, 1869/1992‬ونظ ًرا �إلى عدم‬                ‫التوائم المتطابقة يقدم تقدي ًرا مبا�ش ًرا لل�صفات الوراثية‪.‬‬
‫توافر طريقة مقنعة لقيا�س القدرة العقلية في ذلك الوقت؛‬                   ‫�إن هذا التقدير الوراثي المقدر بنحو (‪ )%72‬هو �أعلى من‬
‫فقد اعتمد جالتون على ال�سمعة وال�شهرة كم ؤ��شر‪ .‬لقد حدد‬                 ‫التقدير (‪ )%44‬في درا�سات التبني‪ ،‬والتقدير (‪ )%52‬في‬
‫هذا الباحث قرابة �ألف رجل بارز‪ ،‬ووجد �أنهم ينتمون إ�لى‬                  ‫درا�سات التوائم‪ .‬وقد تكرر هذا التقدير في درا�ستين حديثتين‬
‫ثلاثمئة عائلة‪ ،‬مقتر ًحا أ�ن الميل نحو النبوغ ُيعزى إ�لى �أ�سباب‬         ‫بمجموع (‪ )95‬زو ًجا من التوائم المت�شابهة ‪(Bouchard ,‬‬
‫تتعلق بالعائلة‪ .‬وقد كان جالتون يدرك إ�مكانية الاعترا�ض على‬              ‫)‪� .Lyken, McGue, Segal & Tellegen, 1990‬أ ّما التف�سير‬
‫ذلك؛ ب�سبب ا�شتراك ‪ -‬أ�قارب الرجال البارزين – الذين لم‬                  ‫المحتمل لهذا التقدير العالي لل�صفات الوراثية‪ ،‬فهو تركيز‬
‫ت�شملهم الدرا�سة‪ -‬في المزايا الاجتماعية والتعليمية والمالية‬             ‫درا�سات التوائم المتطابقة الم�ستقلة على اليافعين بدل ًا من‬
‫نف�سها‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فقد خل�ص �إلى �أن العبقرية م�س أ�لة تتعلق‬              ‫تركيزها على ا ألطفال والمراهقين‪ ،‬بعك�س غالبية درا�سات‬
                                                                        ‫التبني والتوائم المتطابقة‪ .‬وكما هو مو�ضح لاح ًقا‪ ،‬ف إ�ن قابلية‬
             ‫بالطبيعة (الوراثة)‪ ،‬لا التن�شئة (البيئة)‪.‬‬                  ‫الانتقال الوراثي تبدو �أكبر في المراحل المت أ�خرة من الحياة‪.‬‬

‫وبطبيعة الحال‪ ،‬ف�إن درا�سات العائلة وحدها لا ت�ستطيع أ�ن‬                ‫ت�شير تقديرات القابلية للتوريث التي تو�صلت �إليها‬
‫تف�صل بين العوامل الوراثية والبيئية‪ .‬وقد �شرع جالتون عام‬                ‫تحليلات ما ورائية للعائلة‪ ،‬والتبني‪ ،‬وبيانات التوائم‪ ،‬إ�لى‬
‫‪1883‬م‪ ،‬وبمعركة لا داعي لها‪ ،‬بت أ�ليب الوراثة �ضد البيئة‪،‬‬                ‫ن�سبة تقدر بنحو (‪Chipuer, Rovine, & Plomin,( )0.50‬‬
‫تتفوق‬   ‫النتيجة القائلة «�إن الوراثة‬  ‫أ�نه لا مفر من‬     ‫م�شي ًرا إ�لى‬  ‫‪ .)1990; Loehlin, 1989‬وهناك نفر قليل من العلماء الذين‬
‫مه ًما‬  ‫ومع ذلك‪ ،‬فقد كان عمله‬         ‫تفو ًقا كبي ًرا»‪.‬‬  ‫على البيئة‬     ‫ما زالوا يجادلون في النتيجة القائلة « إ�ن العامل (‪ )g‬يظهر‬
‫وحيو ًيا في توثيق مدى التغيرات في �سلوك الب�شر‪ ،‬م�شي ًرا إ�لى‬           ‫ت أ�ثي ًرا وراث ًيا مه ًما» (‪.)Snyderman & Rothman, 1978‬‬
        ‫�أن الوراثة ت�شكل ا أل�سا�س للتغيرات ال�سلوكية‪.‬‬                 ‫وتجدر الملاحظة �إلى �أن مجموع متغير علامة (‪ )g‬يحتوي‬
                                                                        ‫على �أخطاء في القيا�س‪ .‬وكما �سنناق�ش لاح ًقا‪ ،‬ف إ�ن الرا�شدين‬
‫هناك درا�سة حديثة عن �أثر العائلة في الـعامل (‪ )g‬العالي‪،‬‬                ‫يظهرون قابلية أ�كثر للانتقال الوراثي من ا ألطفال‪ .‬وبغ�ض‬
‫�شملت متابعة ا ألفراد الموهوبين في درا�سة تيرمان‪ ،‬حيث‬                   ‫النظر عن التقدير الدقيق لل�صفات الوراثية‪ ،‬ف إ�ن ت أ�ثير‬
‫كان معدل ذكاء ذريتهم (‪)133‬؛ أ�ي �ضمن أ�على المئينات‬                     ‫الوراثة في علامة (‪ )g‬لي�س ذا �أهمية إ�ح�صائية فح�سب‪ ،‬لكنه‬
‫في توزيع درجات الذكاء (‪ .)Oden, 1968‬وت�شير هذه النتيجة‬
‫�إلى �أن العوامل العائلية ُت�سهم على نحو فاعل في العامل (‪)g‬‬                                              ‫جوهري أ�ي ً�ضا‪.‬‬
‫العالي‪ .‬ولكن‪ ،‬يتبين مرة أ�خرى أ�ن درا�سة العائلة غير قادرة‬
                                                                                    ‫وا آلن‪ ،‬ماذا عن الـعامل (‪ )g‬العالي؟‬
             ‫على فك الت�شابك بين �آثار الوراثة والبيئة‪.‬‬                 ‫لا يمكن افترا�ض أ�ن الأ�سباب الم ؤ�دية �إلى وجود الـعامل‬
‫لقد ُط ِّور منحى وراثي جديد لهذه الق�ضية؛ بغية تحليل‬                    ‫(‪ )g‬العالي لدى الأفراد‪ ،‬هي الأ�سباب نف�سها التي أ� ّدت �إلى‬
‫بيانات التوائم‪ ،‬وتحديد موقعها في طرفي التوزيع؛ وهذا في‬                  ‫وجود المدى العادي للفروق الفردية (‪ .)Plomin, 1991‬ومن‬
‫الأ�سا�س تحليل للمتو�سطات‪ .‬وتقارن الطريقة الم�سماة تحليل‬                ‫المثير ح ًقا �أننا لا نعرف الكثير عن الأ�صول الوراثية والبيئية‬
‫(‪ )DF‬ن�سبة �إلى العالمِ ين اللذين ط ّوراها (‪)DeFries & Fulker‬‬           ‫للـعامل (‪ )g‬العالي‪ .‬وتتمثل الق�ضية فيما �إذا كانت عوامل‬
‫عام ‪1985‬م‪ ،‬متو�سط علامات �أفراد من التوائم المتماثلة‬                    ‫الوراثة ت ؤ�ثر في القدرة العالية‪ ،‬التي تختلف عن التركيز‬
‫من أ��صحاب العلامات العالية‪ ،‬بعلامات �أزواج من التوائم‬                  ‫العادي ل إل�سهامات الوراثية في فروق الذكاء بين الأفراد‬
‫المتطابقة وا ألخوية‪ .‬ف�إذا كانت العوامل العائلية (الوراثية‪،‬‬             ‫�ضمن مجتمع الدرا�سة؛ إ�ذ إ�ن �أ�سباب ح�صول أ�حد ا ألطفال‬
‫والبيئية) غير مهمة‪ ،‬فيجب �أن يكون متو�سط معدل ذكاء‬                      ‫على معدل ذكاء يبلغ (‪ ،)150‬وح�صول �آخر على معدل ذكاء‬
‫التوائم )‪ (co-‬المتماثلة قريب من (‪ ،)100‬وهو متو�سط‬                       ‫يبلغ (‪ُ ،)145‬يع ّد أ�قل �أهمية من فهم �سبب ح�صولهما على‬
‫مجتمع الدرا�سة‪ .‬أ� ّما إ�ذا كانت العوامل العائلية مهمة‪ ،‬ف�سوف‬
                                                                           ‫مثل هذا المعدل المرتفع‪ ،‬مقارنة ببقية �أفراد المجتمع‪.‬‬
   147   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157