Page 101 - AParentsGuidetoGiftedChildren
P. 101

‫دليل الوالدين في تربية الأطفال الموهوبين‬

‫القادمة خلا ًفا لما فعله اليوم‪ .‬غالباً ما ير ّكز الوالدان على الأخطاء التي يرتكبها الأطفال دون إخبارهم‬
‫بكيف ّية تحسين سلوكهم‪ ،‬وهذا هو الجزء الأه ّم في تع ّلم الضبط الذات ّي‪ .‬كذلك فإ ّن في العقاب ما‬
‫يسميه علماء النفس «أثر الانتشار» ‪ Spread Effect‬بمعنى أ ّن العقوبة تنتشر وتل ّون ك ّل ما يحدث في‬

                                               ‫حينها‪ ،‬بما في ذلك علاقتك مع طفلك‪.‬‬

‫لو صرخ أحد الوالدين على طفله بمنتهى الإحباط‪“ :‬تو ّقف عن إصدار ك ّل ذلك الصوت المزعج”‪.‬‬
‫فإ ّن الصراخ لا يع ّد وسيلة ضبط‪ ،‬لماذا؟ لأ ّنه لا توجد تعليمات للطفل ع ّما يجب أن يفعله بدلاً م ّما فعل‪،‬‬
‫ولن يكون الأب نموذ ًجا لسلوك مرغوب‪ .‬فهو عندما يصرخ مرا ًرا‪ ،‬فإ ّن الطفل سوف “يق ّلد” ذلك السلوك‪.‬‬
‫وربما كان من الأفضل للوالد أن يعالج مشكلة الصوت العالي كالتالي‪“ :‬لا أستطيع قراءة كتابي بشكل‬
‫ج ّيد وأنت تقوم بك ّل هذا الإزعاج‪ ،‬اخرج من فضلك والعب في الخارج إذا كنت تص ّر على الصوت‬

                      ‫المزعج”‪ ،‬فهذه الطريقة توصل للطفل ما تريده بطريقة تن ّم عن احترام‪.‬‬

‫لا يق ّلل تكرار استعمال الألفاظ والنبرات والعقوبات الخشنة من التواصل فحسب‪ ،‬بل قد يد ّمر‬
‫العلاقات ك ّلها‪ .‬وفي حقيقة الأمر إ ّن العقوبة الخشنة ‪ ،‬لا س ّيما إذا مارسها الوالد بطريقة تخلو من‬
‫الا ّتساق‪ ،‬قد تؤدي إلى مشاكل رئيسة بين الطفل ووالديه‪ ،‬كالصراع على السلطة والتم ّرد‪ ،‬وح ّتى‬
‫الجنوح‪ ،1‬إضافة إلى نقصا ٍن حقيق ّي في ذكاء الطفل‪ .‬وقد أظهرت دراسة واحدة على الأق ّل‪ ،‬أ ّنه عندما‬
‫يوقع الوالدان عقوبة قاسية على الطفل بسبب سوء سلوكه‪ ،‬فإ ّن درجات ذكائه تهبط بشكل ملحوظ‪،‬‬

                                                  ‫خا ّصة عند أطفال ما قبل المدرسة‪.‬‬

‫ر ّبما تختلف هذه النصيحة عن أساليب العقاب التي نشأت عليها أنت‪ .‬لقد آمن الآباء في الأجيال‬
‫الماضية بالضرب العنيف سوا ًء بالعصا أو الحزام أو ما شابه‪ .‬وانطلق ضبط الطفل من فلسفة «إ ْن‬
‫لم تستعمل العصا ف َسد الطفل» م ّما أدى بالوالدين إلى معاقبة أطفالهم جسد ًّيا في زمن كانت فيه‬
‫العائلات مطلقة السلطة ومستبدة‪ ،‬وليست ديمقراط ّية‪ .‬وفي مفارقة لافتة استعملت المدارس قدي ًما‬
‫العقوبة الجسدية ‪ -‬مضر ًبا خشب ًّيا ‪ -‬لك ّل من خالف القوانين‪ ،‬في حين قد يؤدي هذا الاستعمال في كثير‬

                                    ‫من مدارس اليوم إلى إجراء تأديبي ض ّد المربي نفسه‪.‬‬

‫وف ًقا للتربية التس ّلطية في تلك الأيام‪ ،‬كان الوالدان دائ ًما على ح ّق‪ ،‬ولهما الكلمة الأخيرة‪ ،‬فهم‬
‫الرئيس‪ ،‬والقاضي‪ ،‬وهيئة المح ّلفين‪ ،‬وك ّل ما يقولونه هو القانون‪ .‬لم يكن أمام الطفل مجال للنقاش‬
‫أو التساؤل‪ ،‬إلا أن ذلك لم يكن يمنعهم من إعلان تذ ّمرهم من تلك القسوة والدخول في صراع‬
‫على السلطة والتم ّرد على الوالد ْين‪ .‬وفي الممارسات المرع ّية اليوم‪ ،‬يوصي المر ّبون بدوام السلطة‬
‫للوالد ْين‪ ،‬والسماح لأطفالهم بالحر ّية ضمن قواعد العائلة و ُبنيتها‪ ،‬فيو ّفرون لهم بذلك بعض الخيارات‪،‬‬
‫وبعض المسؤول ّية عن قراراتهم‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ما زال الآباء يفرضون حدو ًدا لهذه الخيارات‪ .‬ويسمح هذا‬
‫المنحى للطفل اكتساب الخبرة في صنع قراراته ضمن حدود مع ّينة ثابتة‪ ،‬كما يتيح له تدريج ًّيا تع ُّل َم‬

                                                                 ‫الضبط الذاتي‪.‬‬

                                ‫‪78‬‬
   96   97   98   99   100   101   102   103   104   105   106