Page 102 - AParentsGuidetoGiftedChildren
P. 102

‫الفصل ‪ 5‬إرساء الانضباط وتعليم الإدارة الذات ّية‬

                       ‫ثلاثة أساليب للضبط‬

‫ث ّمة ثلاثة أساليب أساس ّية للضبط هي‪ :‬التس ّلطي‪ ،‬والمتساهل‪ ،‬والحازم‪ .3‬فالوالد المتس ّلط يصنع‬
‫قرارات الطفل ك ّلها‪ ،‬ويستعمل المكافآت والعقوبات‪ ،‬ويعتقد أ ّنه أفضل من الطفل‪ ،‬و ُيدير البيت‬
‫بقوانين قاسية‪ ،‬وضبط صارم مان ًحا الطفل قليل ًا من الحر ّية‪ ،‬غير أ ّن الأطفال الذين يتربون بهذا الأسلوب‬
‫ُيحرمون من فرص صنع القرارات المتع ٌلقة بحياتهم‪ .‬والوالد المتساهل يعطي الأولو ّية لرغبات الطفل‬
‫وحاجاته‪ ،‬بحيث يز ّوده بخبرات بسيطة وممتعة وخالية من الضغوط‪ .‬وعندما يعمل الوالد ما يستطيع‬
‫الطفل عمله بنفسه‪ ،‬فإ ّنه يج ّرده دون قصد من احترام الذات وتقديرها؛ م ّما يتس ّبب في تم ّرد الطفل‬
‫معظ َم الأحيان‪ ،‬في حين يق ّدم الوالد الحازم لطفله مجموعة خيارات‪ ،‬ويب ّين له الإرشادات العا ّمة‪ ،‬لك ّنه‬
‫يجعل الحقيقة مع ّلمه الأ ّول‪ ،‬ويضع الطفل أمام مسؤول ّياته‪ .‬و بذلك يو ّفر الوالد للطفل بعض الفرص‬
‫لصنع قراراته؛ م ّما يسمح له بتطوير الاستقلال وتقدير الذات الواقعي‪ .‬يبدو هذا الأسلوب منطقياً أكثر‬

                                            ‫من غيره‪ ،‬وي ّوفر أسا ًسا لضبط ذات ّي صح ّي‪.‬‬

                       ‫الضبط والإدارة الذاتية‬

‫يأتي العقاب عادة من الخارج‪ ،‬من شخص أكبر عم ًرا أو أضخم جس ًما‪ ،‬في حين يأتي الضبط من‬
‫الداخل‪ .‬وتر ّكز فلسفة الضبط هذه الأيام على تعليم الطفل الاعتماد على قدراته في التفكير والتص ّرف‬
‫اللائق‪ ،‬وليس خوفاً من العقاب‪ .‬يع ّلم الآباء أطفالهم َفهم أفعالهم وعواقبها الطبيعية أو المفروضة‪.‬‬
‫ولذلك فإن الضبط ير ّكز بهذا المعنى الجديد على جوانب إيجاب ّية متع ّددة لتعليم الطفل مهارات‬
‫المراقبة الذات ّية والتو ّجه الذاتي‪ ،‬ويسمح له بالتص ّرف المسئول بطرق يمكن التنبؤ بها وترضي الأطراف‬

                                    ‫جميعها‪ ،‬وتؤدي إلى الإدارة الذات ّية في نهاية المطاف‪.‬‬

‫ُتبرز هذه النقلة في التفكير الفروق بين العقاب والضبط‪ .‬فمن الواضح أ ّن العقاب لا يع ّزز التفكير‬
‫المستق ّل‪ ،‬ويمكن أن يؤدي إلى اعتماد الأطفال على الآخرين ليتع ّلموا منهم كيف يجب أن يتص ّرفوا‪.‬‬
‫وعلاوة على ذلك‪ ،‬يثير العقاب عند الأطفال الموهوبين ر ّد فعل قو ّي‪ ،‬إ ّما خو ًفا أو غض ًبا؛ لأ ّنهم يتم ّيزون‬

                              ‫بالاستقلال‪ ،‬وق ّوة الإرادة‪ ،‬وسرعة الاستجابة لما يعتبرونه خطأ‪.‬‬

‫هدف الضبط إذن‪ ،‬هو التوجيه الذاتي وتطوير شعور داخل ّي قو ّي لما هو صحيح‪ ،‬وما هو خطأ‪،‬‬
‫وما هو مناسب‪ .‬فالتوجيه الذات ّي أم ٌر حيو ٌّي للأطفال الموهوبين‪ .‬ولأ ّن الأطفال الموهوبين يختلفون‬
‫عن الأطفال الآخرين من وجوه عديدة‪ ،‬فإ ّنهم بحاجة إلى الاعتماد على قراراتهم وحكمهم على الأمور‪،‬‬
‫وليس على قرارات الآخرين طيلة حياتهم‪ .‬وغالباً ما تؤدي طرق تفكيرهم الفريدة إلى نتائج غير عادية‪،‬‬

          ‫كما يمكن أن يكون تقويمهم لموقف ما مختل ًفا تما ًما عن تقويم الآخرين للموقف ذاته‪.‬‬

‫يع ّد تع ّلم التوجيه والضبط الذاتي من الأمور الأساس ّية‪ ،‬إذا أردنا أن يصبح الأطفال الموهوبون‬
‫متع ّلمين مستق ّلين مدى الحياة‪ .4‬و يش ّكل ضبط الأطفال الموهوبين في الغالب تحد ًّيا للوالدين‬
‫والآخرين؛ وذلك لاشتراكهم بصفة واحدة هي الح ّدة والش ّدة على وجه الخصوص‪ .‬فإذا انشغل الطفل‬
‫الموهوب بقضية مع ّينة أو مشروع مع ّين‪ ،‬فإ ّن تركيز أهدافه ورغباته وحاجاته يؤدي غال ًبا إلى مشكلات‬

                                ‫‪79‬‬
   97   98   99   100   101   102   103   104   105   106   107