Page 168 - AParentsGuidetoGiftedChildren
P. 168
الفصل 7المثالية ،التعاسة ،والاكتئاب
الشعور بالاغتراب بين الآخرين :يميل كثير من الأطفال الموهوبين إلى الانطواء الاجتماعي ،40ويبحث
الموهوبون جداً عن وقت للوحدة كي ينغمسوا في اهتماماتهم المحبوبة ،ويف ّضلون ،في الغالب،
الأنشطة التي يمارسونها وحدهم أو مع صديق واحد ،مثل القراءة أو الشطرنج أو تركيب المك ّعبات
«الليجو» أو الموسيقى .ويساعدهم وقت الوحدة على تطوير مواهبهم (وهي سمة الأفراد الموهوبين
الذين يصبحون مشهورين عندما يكبرون) ،إلا أن ذلك يقلل من فرصة توفير نظام دعم من الزملاء.41
غال ًبا ما يشعر الأطفال الموهوبون ،حتى في وقت مبكر من حياتهم ،أنهم يختلفون عن
غيرهم ،وذلك بسبب ذكائهم ،وحساسيتهم ،وقوتهم .ويشعرون أحيا ًنا أنهم وحيدون في عالم تبدو
قيم ُه ومنظوراته سطحية .ويشعرون بالإحباط في مرحلة الروضة والمراحل المبكرة التي تليها من
الاهتمامات البسيطة والتعلم البطيء لزملائهم .ويصف ذلك ولد عمره 14سنة كالآتي“ :أشعر دائماً
أنني مختلف نوعاً ما -موجود في المكان الخطأ ،أو مولود في الوقت الخطأ .أذكر أنني كنت مرتب ًكا
وخاب أملي في أول يوم ذهبت فيه إلى المدرسة لأنها كانت تبدو بسيطة جداً ،وقد كنت أشك في
كفاءة المعلمين ومؤهلاتهم” .42وعندما يكبر هؤلاء الأطفال يدركون بكل ألم أن المجتمع يركز على
الوسطية بكل وضوح .وعندما يبلغون مرحلة الرشد المبكر ،فإنهم يجدون أن قيمهم واهتماماتهم غالباً
ما تكون مختلفة عن اهتماماتهم وقيم الآخرين.
تم ّثل هذه المشاعر ،في غالب الأحيان ،مشكلة للأطفال الموهوبين في وقت من الأوقات ،خاصة
للأطفال شديدي الموهبة ،أو للانبساطيين ،إذ ليس من السهل على بعض هؤلاء الأطفال أن يجدوا زملاء
يشاركونهم الاهتمامات نفسها ،أو يفكرون بالسرعة نفسها أو بالعمق ذاته .وبالرغم من التنوع الكبير
من الأطفال في غالبية المدارس ،فإن الطفل الموهوب قد يشعر أن لا أحد يهتم به ،وأنه منبوذ لا ينتمي
للمجموعة ،لا س ّيما إذا أزعجه أحد أو تن ّمر عليه .إن تراجع الشخص إلى أفكاره الخاصة أو أنشطته
الفردية هو ملجأ مؤقت ،رغم أنه ملجأ انفرادي.
وبالطبع ،يمكن أن يشعر كل طفل بالوحدة والعزلة إذا لم يشعر بالتقدير والاحترام والدعم في
البيت والمدرسة .وتلجأ بعض العائلات والمدارس إلى أنماط صعبة جداً بالنسبة للأطفال الموهوبين،
وقد تكون مؤذية لهم -عندما يكون النقد متكرراً ،وعندما يضغط عليهم الكبار بشكل مفرط للقيام
بالعمل .وقد يفترض الطفل في مثل هذه البيئة ،أن الآخرين سيقبلونه بسبب تحصيله فقط وليس
لإنسانيته .وعندما يشعر الأطفال أنهم ليسوا موضع تقدير واحترام كأفراد ،فإنهم يلجئون إلى عدة طرق
في محاولاتهم للتعامل مع ذلك الشعور بالعزلة والاكتئاب .ويلجأ كثيرون منهم إلى التخيلات وأحلام
اليقظة التي يمكن أن تشعرهم بالسرور أكثر من العالم الواقعي المحيط بهم .ويشعر آخرون بأن
قلقهم وحزنهم يتدخلان في أفكارهم بشكل متكرر بحيث أنهم قد يعتقدون ( أو يعتقد الكبار الذين
حولهم) أنهم يعانون من تشتت الانتباه.
وربما يبدو الأطفال الموهوبون بمظهر كاذب ،حيث يضعون قناعاً فوق اكتئابهم ويظهرون
للآخرين أجزاء سطحية فقط من أنفسهم يعتقدون أن الآخرين سيقبلونها ،مثل جاذبيتهم الجسمية،
ومواهبهم الرياضية أو مقدرتهم على سرد النكات .لكن العلاقات المبنية على الأشياء السطحية نادراً ما
145