Page 169 - AParentsGuidetoGiftedChildren
P. 169
دليل الوالدين في تربية الأطفال الموهوبين
تكون طويلة الأمد أو مجزية .ويصبح بعض الشباب الموهوبين معتمدين كل ًيا -أو حتى مدمنين -على
التقدير الذي يأتي من الخارج ،مثل الأوسمة والمكافآت .فإذا فقدوا ذلك التقدير ،وهذا ما يحصل لهم
جمي ًعا في وقت ما -فإنهم يبدءون بالشك في أنفسهم ويعانون من اكتئاب شديد .ويحاول آخرون
“معالجة” عزلتهم واكتئابهم من خلال الأنشطة المختلفة التي ترفع الأدرينالين ،أو حتى من خلال
الكحول والمخدرات ،حيث يعتقدون أنهم “أذكياء لدرجة كافية تمكنهم من التعامل مع تلك المواد”.
وبالرغم من أن كل هذه الاستراتيجيات يمكن أن تس ّكن الألم مؤقتاً ،إلا أن تأثيرها الإيجابي ناد ًرا ما
يكون طويل الأمد.
القلق حول الوجود :يمكن لمثالية الطفل الموهوب ووحدته أن تؤديا إلى نوع رابع من الاكتئاب هو
“الاكتئاب الوجودي” ،الذي غالباً ما يحدث للأطفال والكبار الأذكياء جداً .43وهذا النوع من الاكتئاب لا
يحدث مرة واحدة ،ولا ينتهي بعد أن يمر به المرء .فإذا فكر به الإنسان مرة ،سيبقى يخطر له بعد ذلك،
ولا يستطيع العودة إلى حالة ما قبل وجوده .وكما يقول المثل « أنت لا تستطيع أن تعيد الكعكة إلى
ما قبل خب ِزها» .وعلى هؤلاء الأطفال أن يتعلموا فيما بعد أن يتعاملوا مع هذه الأمور طوال حياتهم.44
وتشمل المشكلات الوجودية القضايا الإنسانية الكبيرة في العالم -كالحرب ،والفقر ،والمجاعة،
والانحباس الحراري في الكرة الأرضية ،والغش والقسوة .ويهتم الأطفال الموهوبون بهذه القضايا الكبرى
حتى في سن مبكرة جداً ،ويتساءلون :لماذا توجد هذه المشاكل؟ بالتأكيد هناك طريقة لحلها .وإذا
طلبت من طفل صغير موهوب أن يس ّمي لك “أمنياته الثلاث” ،ستكون واحدة منها على الأقل ح ّل
إحدى المشكلات التي يعاني منها العالم .هؤلاء الأطفال يدركون أن قليل ًا من الكبار يهتمون بهذه
المشكلات العالمية كما يهتمون بها هم ،لكنهم يشعرون بالعجز عن التأثير في أي تغيير لإنقاذ العالم.
ويعتقد الطفل الموهوب أن الناس من حوله -ليس فقط الزملاء ،بل أيضاً المعلمين والآباء والسياسيين
وذوي السلطة_ يفكرون بكل سطحية في هذه المسائل .ويتصور الطفل الموهوب كيف يجب أن
يكون العالم ،ويشعر بالأسى لأن قليل ًا من الناس فقط يشاركونه هذه المثالية أو التصور ،بالرغم من
أن الحلول لبعض مشاكل العالم تبدو سهلة وواضحة .يدفع الكبار تبرعات ،على سبيل المثال ،لقضايا
مهمة ،وهم فخورون بما يفعلون ،لكن الأطفال الموهوبين يتساءلون “أنتم فعل ًا تدفعون النقود ،لكن
ماذا تعلمون لحل هذه المشكلة؟» .يرى الأطفال أن المسئولين بطيئون ،وغير منطقيين ومنافقون أو،
بصراحة ،جاهلون ،ويبدو لهم أن العالم في أيدي راشدين تنقصهم الكفاءة لإدارته.
وكلما ا ّطلع الأطفال الموهوبون أكثر على الكذب والنفاق والتناقض والجهل وعدم إدراك الأمور
حولهم ،فإنهم يتساءلون فيما إذا كانت القيم الإنسانية موقفية أو اعتباطية .وربما يتساءلون إن كان
لحياتهم أي معنى مهم ،أو إن كان هناك من يفهم اهتماماتهم هذه .وتدور في ذهن هذا الطفل
تساؤلات كثيرة مثل“ :كيف أستطيع –وأنا مجرد طفل -أن أح ِدث أي تغيير في هذا العالم المجنون؟
هل حياتي لها أي معنى؟” هذا الاهتمام بالقضايا الأساسية للوجود الإنساني -الحرية ،والعزلة ،والموت
وعدم أهمية الإنسان -يمكن أن يؤدي بالطفل الموهوب للتساؤل إن كانت الحياة تستحق حتى أن
يعيشها في عالم يختلف فيه عن الآخرين بصورة واضحة .وربما يشعر الطفل الموهوب أنه مثقل بفكرة
146