Page 56 - AParentsGuidetoGiftedChildren
P. 56

‫الفصل ‪ 3‬التواصل‪ :‬مفتاح العلاقات الاجتماعية‬

‫غيرهم‪ ،‬وهذا الاختلاف عن الآخرين يؤثر حت ًما في طريقة التفاعل معهم‪ .‬كما أن بعض الخصائص مثل‬
‫حب السيطرة والكمال يمكن أن تعرقل التواصل مع الآخرين وبناء الصداقات معهم‪ .‬وقد يرى بعض‬
‫الناس أن لغة الأطفال الموهوبين وسلوكاتهم «غريبة»‪ .‬وعندما تكون «الغرابة» هي العدسة التي نرى‬

                     ‫منها الطفل الموهوب‪ ،‬تزيد احتمالات وصف هذا الطفل بعبارات سلبية‪.‬‬

‫كتب أحد المراهقين الموهوبين يقول «أسوأ ما في الإبداع هو الوحدة‪ ...‬إنني أحاول فهم قضايا‬
‫صعبة مثل الدين والأخلاق والفلسفة والسياسة‪ ،‬وليس هناك من أستطيع التحدث معه حول هذه‬
‫القضايا‪ ،‬وعل ّي أن أتعامل مع هذه القضايا كافة وحدي»‪ .9‬وعندما يفهم الوالدان والمعلمون وغيرهم‬
‫سمات الأطفال الموهوبين وسلوكاتهم المشتركة‪ ،‬فإنهم سيكونون أكثر قدرة ورغبة في تقبل هؤلاء‬

                                                          ‫الأطفال والتواصل معهم‪.‬‬

‫وبما أن مشاعر الأطفال الموهوبين حادة وحساسة‪ ،‬فإن الآباء يجدون أن عليهم أن يكونوا لطفاء‬
‫عند مناقشتها‪ .‬فبعض الأطفال الموهوبين يشاركون الآخرين في مشاعرهم بكل يسر وسهولة‪ ،‬على‬
‫حين يكون آخرون‪ ،‬لاس ّيما أولئك الذي يف ّضلون عالم المنطق والنظام‪ ،‬غير مرتاحين عند الحديث عن‬
‫مشاعرهم‪ ،‬فيحاولون أن يوجهوا المحادثات نحو الحقائق أو الموضوعات العقلية التي تبدو حس ّية‬
‫ومريحة لهم‪ .‬وقد يتجنبون بعض الانفعالات والآراء لأن مشاعرهم نحوها تبدو غير منطقية‪ ،‬أو غير‬
‫دقيقة أو محفوفة بالخطر‪ ،‬أو مثيرة للخوف بسبب شدتها‪ .‬وربما كان علينا التأكيد لهؤلاء الأطفال أن‬
‫المشاعر لا تحتاج بالضرورة إلى أن تكون منطقية أو منتظمة؛ بل إنها في أغلب الأحيان تكون غير‬

                                                ‫منطقية‪ ،‬فهذه هي طبيعة الانفعالات‪.‬‬

                     ‫معاقبة الطفل لأنه موهوب‬

‫يعاقب الكبار أطفالهم أحيا ًنا‪ ،‬دون قصد منهم‪ ،‬بسبب الخصائص ذاتها التي تشكل جز ًءا مه ًما‬
‫من الموهبة عند الأطفال‪ .‬وقد يربطون موهبة الطفل بتعليق ناقد كأن يقولوا مثل ًا‪« :‬إذا كنت ذك ًيا إلى‬
‫هذا الحد الكبير‪ ،‬فلماذا لا تتذكر أن تنجز واجباتك؟ «هذه التعليقات تخبر الطفل أنه سيكون مقبول ًا‬
‫ويتلقى نق ًدا أقل لو أنه كان أقل موهبة مما هو الآن‪ .‬والمعلم الذي يقول للطالب الموهوب متهك ًما‬
‫«حس ًنا! وأخي ًرا سألتك سؤالاً لم تستطع الإجابة عنه»‪ ،‬ينقل إلى هذا الطالب رسالة مفادها أنه سيكون‬
‫أكثر قبول ًا وشعبية لو أن معرفته كانت أقل وأن ذكاءه كان متوس ًطا‪ .‬وعندما يقول أحد الوالدين‪« :‬لماذا‬
‫يجب أن تكون دائ ًما حسا ًسا ج ًدا؟» يشعر الطفل بأن والده قد أساء فهمه‪ ،‬وانتقد مشاعره الحقيقية‪،‬‬
‫فيتخوف من إظهار هذه المشاعر في المستقبل‪ .‬ومما يؤسف له أن يكون واقع الحال أنه كلما زاد ذكاء‬

        ‫الطفل – وابتعد عن الوسطية والاعتدال – كان أكثر عرضة للوقوع ضحية لهذه الانتقادات‪.‬‬

‫وعندما يحاول الراشدون المهتمون أن يربوا هؤلاء الأطفال ويثيروا دافعيتهم‪ ،‬فإنهم يتواصلون‬
‫معهم بطرق لا يمكن أن يلجئوا إليها مع صديق حميم أو أي شخص راشد آخر يهتمون به‪ .‬فلا يقولون‬
‫لأزواجهم مثل ًا “عزيزتي‪ ،‬إنك لم تخططي جي ًدا لتلك الحفلة”‪ ،‬أو “أنا متأكد أنك ستتقنين هذا العمل‬
‫في المرة القادمة؛ فكل ما تحتاجين إليه هو الانتباه لبعض التفاصيل”‪ .‬ولا نقول لصديق لنا أو زميل في‬

                                ‫‪33‬‬
   51   52   53   54   55   56   57   58   59   60   61