Page 57 - AParentsGuidetoGiftedChildren
P. 57
دليل الوالدين في تربية الأطفال الموهوبين
العمل مثل ًا“ :لماذا تعطي التس ّوق كل هذه الأهمية .أليس لديك أمور أفضل تشغل بها وقتك؟” .ولكن
الأطفال الموهوبين يسمعون عبارات مثل “لا أصدق أنك تقضي هذا الوقت كله في ألعاب الفيديو”،
أو “في َم كنت تفكر؟ أعتقد أنك لم تكن تفكر أب ًدا”!
إن مثل هذه الملاحظات ليست قاسية وغير دقيقة وغير عادلة فحسب ،بل تعكس كذلك نق ًصا
في فهمنا للطفل الموهوب وتعيق تواصلنا معه .لكن الوالدين والمعلمين قد يستخدمون هذه العبارات
أحيا ًنا نظ ًرا لحيرتهم الحقيقية حول سبب عدم قدرة هؤلاء الأطفال الأذكياء على تذ ّكر مثل هذه المهام
أو المسؤوليات البسيطة .أو ربما يحاول الشخص الراشد أن يب ّين للطفل الموهوب أنه “لا يختلف عن
غيره من الأطفال” .لكن هذا الطفل مختلف ح ًقا عن غيره.
يستجيب الناس المحيطون بالطفل الموهوب في غالب الأحيان استجابة سلبية لاختلاف هذا
الطفل عن غيره دون أن يأخذوا في الحسبان إمكانية تأثير ذلك فيه .وقد يكون رد فعل الطفل
الموهوب على ذلك الاحتفاظ بمشاعره وآرائه لنفسه .وقد يتوصل إلى أنه لا يسمح له بالتفكير أو
الشعور المختلف؛ بل ربما يستنتج أن هناك خطأ جوهر ًيا ما في شخصيته بوصفه إنسا ًنا.
وعندما يحصل الأطفال الموهوبون على ردود أفعال قوية من الآخرين ،فإنهم يغلقون قنوات
الاتصال الصادقة والمنفتحة الطبيعية تما ًما لديهم ،ويتب ّنون بدلاً منها قنوات تمويهية أو يبذلون
جهودهم ليكونوا «عاديين» – أي يشبهون الأطفال الآخرين .إن حساسيتهم تجعل التعليقات القاسية
مؤذية تما ًما لهم .فالطفل الذي يتعرض دو ًما إلى تعليقات مد ّمرة قد يصبح عديم الثقة بالعلاقات كافة
مع الآخرين ،ويط ّور أسلو ًبا دفاع ًيا مني ًعا ،حيث “يش ّيد جدا ًرا” بينه وبين الآخرين ولا يشاركهم في
مشاعره وأحاسيسه.
فإذا كان طفلك يحيط نفسه بجدار دفاعي ،فيتعين عليك أول ًا معرفة سبب هذا الموقف الدفاعي.
فالدفاعات توجد عادة لسبب ما – ويكون ذلك السبب صاد ًقا من وجهة نظر الشخص نفسه على الأقل.
وكلما حاول الوالدان كسر هذه الدفاعات ،أصبح الطفل أكثر ميل ًا إلى إعادة بنائها من جديد .وعندما
يشعر الطفل بأن المناخ أصبح آم ًنا ،فإنه سيقرر عدم الحاجة إلى وجود هذه الجدران الدفاعية العالية.
وبما أن الأطفال الموهوبين يو ّلدون قد ًرا من التحدي والإحباط للوالدين ،فإن معظم الآباء سوف
يستعملون ،من وقت إلى آخر ،عبارات ه ّدامة .فقد تغضب من طفلك الموهوب وتقول له شي ًئا
تتمنى لاح ًقا لو أنك تستطيع التراجع عنه .وعندما يحدث ذلك ،عليك أن تسارع إلى إصلاح الأمر من
خلال اعتذار حقيقي وفوري تب ّين فيه للطفل سبب إحباطك وغضبك .إن من حقائق الحياة أن تتخلل
العلاقات الإنسانية أوقات عصيبة ،وإن من المهم أن نتعلم طرق تجاوز هذه الأوقات .فالاعتذار لطفلك
يمثل قدوة في كيفية التعامل مع الحفاظ على العلاقات ،ويعطي الطفل مثال ًا على كيفية إصلاح هذه
العلاقات عندما تشوبها الشوائب .كما أن ذلك ينقل إلى طفلك أنك تحترم مشاعره وتتقبلها مما يعيد
فتح قنوات التواصل معه.
وعلى الرغم من أن الأطفال الموهوبين يحافظون عمو ًما على علاقاتهم ،إل ّا أن تعرضهم لانتقادات
ه ّدامة متكررة ،كالتي ذكرت آن ًفا ،يحتمل أن “تهوي بهم إلى القاع” ،وتعطل عمليات التواصل وبناء
34