Page 84 - HANDBOOKOFGIFTEDEDUCATION
P. 84

‫المرجع في تربية الموهوبين ‪79‬‬                                         ‫توفير المناهج مو�ضوعات خا�صة لهذه المجموعات)‪ .‬وحتى‬
                                                                     ‫بما يتوافر لدينا من معرفة غير مكتملة‪ ،‬ف إ�ن ا ألدلة ُتظهر أ�ن‬
  ‫تح�س ًنا ملحو ًظا في مكانة الطلاب ا ألذكياء بين �أترابهم‪.‬‬          ‫التربية الخا�صة بالموهوبين فاعلة‪ ،‬وبطريقة قابلة للقيا�س؛‬
‫و إ�ذا كان هناك �سبب فني للت�شتت في النتائج‪ ،‬ف�إنه ذلك‬               ‫�سواء �أكانت ب�صورة تدري�س بخطى �سريعة‪� ،‬أم درا�سة عميقة‬
‫ُيعزى �إلى �أن مجتمع درا�سة أ�ودفاري وروبين كان من طلاب‬              ‫للمواد الدرا�سية التقليدية‪ ،‬أ�م إ��ضافة مو�ضوعات للتو�سع في‬
‫في �سن المدر�سة الابتدائية‪ ،‬في حين اقت�صر مجتمع درا�سة‬               ‫المنهاج‪ .‬وال�سبب ب�سيط‪ ،‬كما قال لي �أحد المدربين‪« :‬ع ّلم‬
‫تاننبوم على طلاب ال�صفوف ا ألولى من المرحلة الثانوية‪،‬‬                ‫اللغة ال�سن�سكريتية للطلاب القادرين على ذلك‪ ،‬و�سوف‬
‫عل ًما �أن المراهقين قد يظهرون إ��شارات على تغير في‬                  ‫يتع ّلمون من هذه اللغة أ�كثر م ّما يتع ّلمه الطلاب القادرون على‬
‫الاتجاهات التي وجدت في مراحل الحياة المبكرة‪ .‬ومن جهة‬
‫�أخرى‪ ،‬ف�إنه من المنطقي �أن نبتهج بتزايد م�شاعر الطلاب‬                                 ‫ذلك؛ الذين لم يتع ّلموا هذه اللغة»‪.‬‬
‫الإيجابية المتعاقبة حيال �أولئك الذين يو�صفون ب أ�نهم أ�ف�ضل‬         ‫وفي الحقيقة‪ ،‬ف�إن هناك الكثير من القوى البيئية الحيوية‬
                                                                     ‫الأخرى الموجودة خارج �أ�سوار البيت والمدر�سة‪ ،‬لا �سيما‬
                     ‫الطلاب في المدر�سة و�ألمعهم‪.‬‬                    ‫«الحي» ب أ�بنيته ودينامياته الخا�صة‪ ،‬الذي يكت�سب �أهميته‬
‫وعلى �أية حال‪� ،‬إذا تح�سنت الاتجاهات الإيجابية نحو‬                   ‫من خلال عي�ش الطفل فيه‪ ،‬ونموه مع أ�قرانه (& ‪Leventhal‬‬
‫الموهوبين ب�صورة ما عبر الزمن‪ ،‬ف�إن هناك قوى �أخرى في‬                ‫‪ .)Brooks-Gunn, 2000‬وبطبيعة الحال‪ ،‬ف إ�ن العوامل التي‬
‫المجتمع ما زالت لا ُت�ش ّجع الاهتمام بهذه ا ألقلية‪ .‬وت�أتي بع�ض‬      ‫ت�ؤثر في البحوث التي تتناول ت أ�ثير الحي والأقران‪ ،‬هي وراثة‬
‫ال�سلبية في هذا المجال؛ �إ ّما من مربين قلقين م ّمن يو�صفون‬          ‫ال�سكان الجينية للقدرات العقلية‪ ،‬والتطابق اللاعقلاني لدى‬
‫بالنخبوية في المدر�سة والمجتمع‪ ،‬و إ� ّما م ّمن يعتقدون �أن‬
‫الموهوبين ي�ستطيعون إ�دارة �ش�ؤونهم ب�أنف�سهم دون حاجة إ�لى‬                                      ‫اختيار مكان ال�سكن‪.‬‬
‫م�ساعدة خا�صة‪ .‬وربما ي�أتي التثبيط ا ألكبر من ت�أثير القيم‬           ‫وغال ًبا ما تكون ال�ضغوط الواقعة على ا ألطفال من �أجل‬
‫الثقافية التي ُتق ّدر الم�ساواة‪ ،‬حتى لو كان ذلك على ح�ساب‬            ‫الخ�ضوع لقيادة الأقران و إ�جماع ا ألغلبية قوية وحا�سمة؛ لذا‪،‬‬
‫التميز‪ .‬ونتيجة لذلك؛ ف إ�ن البيئات الاجتماعية والتربوية‬              ‫ُيع ّد لزا ًما على المعلم مراعاة م�شاعر الزملاء في المدر�سة‬
‫توجه ر�سائل مختلطة للموهوبين‪ ،‬بع�ضها م�شجعة‪ ،‬وبع�ضها‬                 ‫و أ��صدقاء الحي‪ ،‬ومعرفة موقفهم بخ�صو�ص َم ْن لديه الرغبة‬
‫الآخر لي�س كذلك‪ ،‬إ�ل ّا �أنها جمي ًعا ُتع ّد حا�سمة بما فيه الكفاية‬  ‫في أ�ن يكون موهو ًبا‪ ،‬قبل محاولة ت�شجيع �أكثر الطلاب قدرة‬

     ‫لترك ب�صماتها في حياة ه�ؤلاء الطلاب الا�ستثنائيين‪.‬‬                 ‫على عمل الم�ستحيل و «الو�صول �إلى النجوم في ال�سماء»‪.‬‬
                                                                     ‫وفي درا�سة �أجراها �شرودر‪ -‬دافيز (‪Shroeder-Davis,‬‬
                 ‫عوامل الحظ وال�صدفة‬                                 ‫‪ )1996‬على عينة �شملت (‪ )3514‬طال ًبا من طلاب المدار�س‬
                                                                     ‫المتو�سطة والثانوية‪ ،‬طرح ال�س ؤ�ال الآتي‪� :‬أ ّي التالية ُتف ّ�ضل‪:‬‬
‫لقد �أهملت درا�سات الموهوبين ‪ -‬إ�لى حد كبير‪ -‬ت�أثير‬                  ‫الجمال‪� ،‬أم الذكاء‪ ،‬أ�م التم ّيز في مجال الريا�ضة؟ وقد �أجاب‬
‫العوامل غير المتوقعة‪ ،‬التي لا يمكن التنب�ؤ بها في دورة‬               ‫(‪ )%53‬من ه�ؤلاء الطلاب أ�نهم يف�ضلون الذكاء‪ ،‬رغم �أن‬
‫حياة ا إلن�سان‪ .‬وهذا النفور مفهوم‪ ،‬فما الذي يمكن قوله عن‬             ‫(‪ )%3‬منهم فقط عزوا هذا الاختيار (الذكاء) إ�لى رغبتهم‬
‫ال�صدفة أ�و الحظ‪ ،‬عدا �أنهما موجودان‪ ،‬و أ�نهما قد ُيحدثان‬
                                                                                             ‫في الح�صول على ال�شعبية‪.‬‬
                        ‫فر ًقا بين النجاح والف�شل؟‬                   ‫وفي �إعادة لدرا�سة تاننبوم (‪)Tannenbaum, 1962‬‬
‫لا أ�حد يعرف ال�شكل الذي يكون عليه الحظ‪ ،‬أ�و متى يحدث‪،‬‬               ‫بخ�صو�ص اتجاهات الطلاب نحو التميز ا ألكاديمي‪،‬‬
‫وكيف‪ .‬وبما �أنه ُينظر إ�لى الحظ ب�صفته قوة طبيعية خارقة‪،‬‬             ‫والمواظبة على الدرو�س‪ ،‬والاهتمام بالريا�ضة‪ ،‬وجد أ�ودفاري‪،‬‬
‫ف�إنه ُيع ّد خارج نطاق العلم‪ .‬وبالرغم من ذلك‪ ،‬فلا �أحد‬               ‫وروبين (‪ )Udvari & Rubin, 1996‬أ�ن التميز الدرا�سي أ�كثر‬
‫ي�ستطيع إ�نكار قوته في ت�سهيل العمل ا إلبداعي‪� ،‬أو إ�عاقته‪� ،‬أو‬      ‫قبول ًا من التح�صيل المتو�سط في المدر�سة‪ .‬وبمقارنتها‬
                                                                     ‫بالنتائج التي تو�صل إ�ليها تاننبوم‪ ،‬وكذلك بتقرير �شرودر‪-‬‬
                        ‫توجيهه‪ ،‬أ�و �إعادة توجيهه‪.‬‬                   ‫دافيز (‪� ،)Schroeder-Davis, 1996‬أظهرت هذه الدرا�سة‬
‫ويبدو أ�نه ما زال �صع ًبا على المربين و أ�ولياء ا ألمور‪،‬‬
‫و أ�ع�ضاء المهن الم�ساعدة‪� ،‬إدراك إ�مكانية تقوية القدرات‬
   79   80   81   82   83   84   85   86   87   88   89