Page 79 - HANDBOOKOFGIFTEDEDUCATION
P. 79

‫عام ‪1975‬م‪ .‬وقد �شملت الدرا�سة الطولية الم�ستقبلية لتطور‬                                      ‫‪ 74‬الوراثة والبيئة في الموهبة‬
‫ال�سلوك التي قام بها بلومن ودفرايز (‪Plomin and DeFries,‬‬
‫‪ 152 )1983‬طفل ًا من عمر �سنة إ�لى �سنتين‪ ،‬تبنتهم عائلات‬         ‫معدلات الذكاء‪ ،‬يرتبط – ب�صورة وثيقة‪ -‬باختلافات في‬
‫في ال�شهر الأول من أ�عمارهم‪ ،‬يمثلون المجموعة التجريبية‪،‬‬         ‫التوجه ال�سيا�سي‪ .‬فالليبراليون أ�و المتحررون يف�ضلون –‬
‫مع مجموعة أ�خرى غير متبناة‪ ،‬مكونة من ‪ 120‬طفل ًا من �سن‬          ‫بوجه عام‪ -‬ت أ�ثير البيئة التي ترى كل �شيء قابل ًا للت�شكيل‬
‫المجموعة ال�سابقة نف�سها‪ ،‬يمثلون المجموعة ال�ضابطة‪ .‬وقد‬         ‫�أ�سا�ًسا‪ .‬أ� ّما المحافظون‪ ،‬فقد مالوا إ�لى الت�صويت ل�صالح‬
‫ا�ستنتج بلومن ورفاقه‪ ،‬مثل توم�سو ن �‪(Thompson & Plo‬‬             ‫الوراثة أ�و الطبيعة التي ت ؤ�كد ديمومة ا أل�شياء‪ ،‬وعدم قابليتها‬
‫)‪ ،min, 2000‬أ�ن الوراثة م�س ؤ�ولة عن ‪ %50‬من التباين؛ �أي‬        ‫للت�شكيل‪ .‬وربما لا يكون الجدل الراهن حول الت�أثير الن�سبي‬
                                                                ‫للوراثة والبيئة في معدلات الذكاء‪ ،‬مرتبط – ب�صورة وثيقة‪-‬‬
        ‫بن�سبة تقل ‪ %20‬عما �أ�شارت �إليه درا�سة بو�شارد‪.‬‬        ‫با أليدولوجيات ال�سيا�سية كما كان من قبل؛ �إذ إ�ن هناك –‬
‫وقد ناق�ش الباحثون بقوة فكرة أ�ن البيئة لي�ست بال�ضرورة‬         ‫الآن‪� -‬أدلة تجريبية �أكثر‪ ،‬ت ؤ�كد مقدار التباين الذي يمكن‬
‫�إ�ضافة �إلى الوراثة‪ ،‬لكنها تكون م�شتقة منها غال ًبا‪ .‬وفي‬
‫درا�سة لبلومن‪ ،‬وري�س‪ ،‬وهيذرنجتون‪ ،‬وهوي ‪(Plomin, Reiss,‬‬                   ‫تف�سيره بو�ساطة كل من متغيري الوراثة والبيئة‪.‬‬
‫)‪ُ Hetherington, and Howe, 1994‬أ�جريت على (‪)707‬‬
‫�أفراد تتراوح أ�عمارهم بين (‪� )18-10‬سنة من التوائم‬              ‫وفي الوثيقة الم�شار �إليها �ساب ًقا‪ ،‬التي وقع عليها اثنان‬
‫وا إلخوة المتطابقين وغير المتطابقين ‪(twins, related and‬‬         ‫وخم�سون من العلماء ال�سلوكيين‪ ،‬فقد كان ه ؤ�لاء العلماء‬
‫)‪ ،unrelated siblings‬تبين �أن أ�كثر من ربع الاختلافات‬           ‫مقتنعين بالبحوث التي ت�ؤكد ت أ�ثير الوراثة ب�صورة �أكبر من‬
‫تقري ًبا في (‪ )18‬قيا�ًسا للبيئات الاجتماعية المحيطة‪ ،‬يمكن‬       ‫البيئة في اختلاف معدلات الذكاء؛ إ�ذ تبين أ�ن الأدلة التي‬
                                                                ‫ترجح الوراثة على البيئة �شاملة ومقنعة وحا�سمة‪ ،‬أ�و يبدو‬
        ‫تف�سيرها بالاختلافات الجينية في عينة الدرا�سة‪.‬‬          ‫�أنها كذلك‪ .‬وهي تركز على الثنائيات المتنوعة‪ ،‬ب َم ْن في ذلك‬
‫كما �أ�شار �سكار (‪� )Scarr, 1996‬إلى ميل ا ألطفال لاختيار‬        ‫الإخوة البيولوجيون وغير البيولوجيين‪ ،‬والتوائم المتطابقة‬
‫أ��صدقاء يماثلونهم في العقل‪ ،‬والروح‪ ،‬والقدرات‪ ،‬والميول‪،‬‬         ‫وغير المتطابقة؛ �سواء �أكانوا يعي�شون م ًعا‪ ،‬أ�م منف�صلين في‬
‫و أ�نماط الحياة العامة ا ألخرى‪ .‬وعليه‪ ،‬ف�إن عوامل الوراثة‬       ‫�أماكن مختلفة‪ ،‬بد ًءا من الر�ضاعة‪ ،‬أ�م في مراحل لاحقة‪،‬‬
‫التي ت ؤ�ثر في ال�شباب ال�صغار‪ ،‬ت�شكل طبيعة ارتباطاتهم‬
‫ب�أقرانهم �أي ً�ضا‪ .‬ويرى روي (‪ ،)Rowe, 1994, 2001‬وهاري�س‬                         ‫وذلك في المواقف البيتية المختلفة‪.‬‬
‫(‪� )Harris, 1998‬أن ت�أثير ا آلباء في الأبناء لا يكون عن‬
‫طريق الجينات فقط‪ ،‬بل يتعداه �إلى اختيار العي�ش في و�سط‬          ‫ومن الرواد الذين �أظهرت درا�ستهم ا ألثر الكبير للوراثة‬
‫تعي�ش فيه عائلات �أخرى ب�صفات جينية مماثلة ل�صفاتهم‪.‬‬            ‫مقارنة بالبيئة‪ ،‬توما�س بو�شارد و آ�خرون( (�‪Thomas J. Bour‬‬
‫وباخت�صار‪ ،‬ف�إن الوراثة ُتق ّرر فردية ا ألطفال‪ ،‬ث ّم ُتق ّرر –‬
‫لاح ًقا‪ -‬خياراتهم تجاه المواقف الاجتماعية ‪-‬الجغرافية‬            ‫& ‪chard, 1995, 1997; Bouchard, Lykken, Tellegen,‬‬

    ‫والمدر�سية‪ ،‬التي قد تق ّوي هذه الفردية ب�صورة كبيرة‪.‬‬        ‫‪ ،)McGue, 1996‬حيث بد ؤ�وا عام ‪1979‬م بدرا�سة (‪)100‬‬
‫ول�سوء الطالع‪ ،‬فقد يترتب على درا�سات البيئة والوراثة خطر‬        ‫مجموعة من التوائم الثنائية �أو الثلاثية‪ ،‬ن�ش�أت جميعها بعي ًدا‬
‫ا�ستخدامها في الت�صنيف والتنميط العرقي‪ .‬ومن بين الك ّتاب‬        ‫عن بع�ضها بع ً�ضا‪ .‬وقد اختبروا العلاقة بين الوراثة والبيئة في‬
‫الذين أ�ثروا هذا الجانب‪ ،‬فيليب ر�شتون (‪)Philippe Rushton‬‬        ‫ع ّدة جوانب أ��سا�سية؛ نف�سية‪ ،‬وف�سيولوجية‪ ،‬لم تكن المعرفة‬
‫الذي ُيع ّد كتابه «العرق‪ ،‬التطور وال�سلوك » �‪(Race, Evolu‬‬       ‫إ�ل ّا واحدة منها فقط‪ .‬وقد حظيت النتائج التي تو�صل �إليها‬
‫)‪ tion, and Behavior, 1995‬أ�هم ما ُكتب في هذا المجال‪.‬‬           ‫توما�س بو�شارد بقبول وجدل كبيرين‪ ،‬حيث أ��شارت �إلى �أن‬
‫وهو لي�س كما قد ي�شير عنوانه‪ ،‬هجوم عرقي لاذع ودعوة �إلى‬         ‫الوراثة م�س�ؤولة عن نحو ‪ %70‬من التباين في معدلات الذكاء‪.‬‬
‫تجيي�ش التع�صب‪ ،‬مع أ�نه قد ي�ستعمل لمثل هذه الغايات‪ .‬وقد‬        ‫أ� ّما مقولته ب�أن الوراثة تلعب – أ�ي ً�ضا‪ -‬دو ًرا مه ًما في العديد‬
‫ي�ستنتج العن�صريون ب�سرعة من تعليقاته على الاختلافات‬            ‫من جوانب ال�سلوك ا إلن�ساني‪ ،‬ونظم المعتقدات التي لا ي�ؤثر‬
                                                                ‫فيها معدل الذكاء‪ ،‬فقد لاقت ارتيا ًحا عا ًما‪ ،‬ونقا�ًشا وجدل ًا‬

                                                                                            ‫�أقل ح ّدة من �سابقه‪.‬‬

                                                                ‫ومن الرواد الذين �أثروا هذا الجانب بالبحوث �أي ً�ضا‪،‬‬
                                                                ‫روبرت بلومن (‪ )Robert Plomin‬الذي �ص ّمم ما ُيعرف با�سم‬
                                                                ‫م�شروع كولورادو للتبني (‪)Colorado Adoption Project‬‬
   74   75   76   77   78   79   80   81   82   83   84