Page 45 - creativephilanthropy
P. 45

‫‪  |  44‬ا إلبداع في العمل الخيري‬

                                ‫المبالغة في الت�شديد على التخطيط‬

‫مع �أن بع�ض الم�ؤ�س�سات تكره التخطيط‪ ،‬ف�إن ر�سم الخطط والتم�سك بها �أ�صبح بالن�سبة إ�لى‬
‫بع�ضها الآخر �ش�ي ًئا مقد�ًسا م�س���ؤو ًل عن جعل كل �شيء �صحي ًحا‪ .‬يعتمد التخطيط على مجموعة‬
‫م�ن الت�ص��ورات الإداري�ة �أو العقلاني�ة ق�د تعم�ل �أو لا تعمل في الأعم�ال التجاري�ة؛ ولكنها على‬
‫العموم غير منا�س��بة إ�لى حد ما لتعقيدات العالم الحقيقي أ�و التغيير الاجتماعي حيث لل�صفات‬

                      ‫مثل المرونة‪ ،‬والم�صادفة‪ ،‬والفر�ص‪ ،‬والحلول الو�سط دور وا�ضح‪.‬‬

‫تعم�ل الم ؤ��س�س��ات م�ع أ�ي م�صفوفة من الت�ص��ورات العقلانية التي تكمن عل ًن�ا أ�و �ضم ًنا وراء‬
‫ممار�ساتها و�سيا�ساتها في تقديم المنح‪ ،‬وا أل�شد و�ضو ًحا هو أ�ن هذه النظريات ت�شمل الت�صور ب أ�ن‬
‫الم�ش�اريع (الجي�دة والناجحة) هي وظيفة الأفكار الجيدة‪ ،‬والخط�ط المدبرة بعناية‪ ،‬والتنظيم‬
‫الجي�د‪ .‬و ُتع� ُّد العمليات والبنى التنظيمي�ة‪ ،‬وا إلدارة‪ ،‬والم�صادر المالية‪ ،‬محددات أ��سا�س��ية و�أدلة‬
‫عل�ى النج�اح المحتمل للم�ش�روع‪ :‬الأه�داف الوا�ضحة‪ ،‬والتخطي�ط‪ ،‬وعمليات التحك�م هي أ�دلة‬

                             ‫مه َّمة بوجه خا�ص على المنظمة (الجيدة) أ�و القادرة‪.‬‬

‫والأك�ثر أ�همي�ة ه�و أ�ن الأ�س��اليب المهيمنة العقلاني�ة في تقديم المنح تفتر��ض أ�نه من الممكن‬
‫خل�ق م�س��تقبل معروف والتنب���ؤ به (‪ ،)Fowler 1995‬وح�س��ب وجهة النظر هذه فالم�ش�كلات كلها‬
‫له�ا أ��س��باب فردي�ة ومعروف�ة‪ ،‬ولا ج�دال حوله�ا‪ ،‬وهناك ح�ل معروف يمك�ن أ�ن ي�صنع�ه المال‪،‬‬
‫«وم�س��تقبل المنظمات غير الربحية والبيئات التي تعمل بها �س��تكون ا�ستمرا ًرا للنزعات الحالية»‬
‫(‪ .)Leat 1999‬هذه فقط بع�ض الت�صورات الكامنة وراء النموذج العقلاني في التخطيط والتغيير‬

       ‫الذي تتبناه �ضمن ًّيا عدد من الم�ؤ�س�سات الرئي�سة المعبر عنه في عملياتها لتقديم المنح‪.‬‬

‫�أم�ا وجهة النظ�ر ا ألقل عقلانية ‪-‬وربما ا ألكثر واقعية‪ -‬فهي أ�ن المنظمات موجودة في بيئات‬
‫تنظيمي�ة معقدة (قانونية واقت�صادية و�سيا�س��ية) دائمة التغيير اجتماع ًّيا‪ ،‬ت�صطدم بم�س��ارات‬
‫الفعل وتقيده وتحوله وتدعمه‪ ،‬ومن الم�ؤكد أ�ن ما يعاني النق�ص في الإمداد وخطط العمل القابلة‬
‫للتطبيق‪ ،‬هو عادة تلك التي توفر أ��سا�ًسا لترك ال�ساحة بدل ًا من اعتماد خطط عمل‪ ،‬وعليه ف إ�ن‬
‫المعرف�ة‪ ،‬وال�س��لطة‪ ،‬والالت�زام‪ ،‬والم�ص��ادر‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬غال ًبا م�ا تكون محدودة؛ ولهذا ال�س��بب‬
   40   41   42   43   44   45   46   47   48   49   50