Page 138 - AParentsGuidetoGiftedChildren
P. 138
الفصل 6الح ّدة والكمال والتوتّر العصبي
مشكلات الضغط وفرصه
ُيع ّد الضغط جز ًء من الحياة ولا يستطيع أحد تجنبه .فالحياة تتكون من التغيير ،والتغيير يقود
إلى الضغط .ويعتقد عادة أن الضغط يؤذي الإنسان ويمكن أن يسبب له مشكلات صحية أو انفعالية.
والضغط هو شعور بكثرة المطالب ،وأي تغ ّير في مواقف حياة الإنسان يسبب له الضغط .وقد ب ّين
العلماء أن كثرة التغيرات في أي موقف من حياة الإنسان يمكن أن تؤدي به إلى الضغط الذي يو ّلد
بدوره عد ًدا من الأمراض الجسمية الحقيقية .25ولا يتوقف الضغط على الأحداث المؤلمة ،وإنما يمكن أن
ينتج حتى عن الأحداث السارة والإيجابية مثل الزواج أو قضاء الإجازات الطويلة .وعندما يكون الضغط
شدي ًدا ،لا نستطيع أن نتصرف كما نفعل في العادة .ويمكن أن نشك في قدرتنا على التغلب على
الموقف الذي نحن فيه أو حتى على إدارة أنفسنا بفاعلية .وإذا حدث ذلك فعندها تنشأ فينا مشاعر
القلق وعدم الارتياح .وإذا لم نجد في الأفق أي حلول أو بدائل معقولة ،فإننا قد نشعر بضغط كبير يعيق
قدرتنا على العمل الناجح .وإذا رافق الضغط شعور باليأس أو العجز ،فإننا سنشعر عندئذ بالاكتئاب.
ورغم أن الضغط الشديد يكون مؤذ ًيا ،إل ّا أن قليل ًا منه يكون مفي ًدا للإنسان .وكما قال أحد العلماء:
“النار التي تذيب الزبد هي ذاتها التي تجعل البيضة صلبة” ،26فالضغط الذي يشعر به أحد الممثلين
قبل حدث مسرحي مهم يساعده في أداء دور قوي؛ لأنه يدفع ذلك الممثل على قضاء ساعات طويلة
في التدريب والتحضير .الضغط يدفعنا إلى بذل ما نستطيع من جهد .فإذا كان التحدي الذي نواجهه
بسي ًطا ،فإن من غير المحتمل أن نستغل قدراتنا إلى أقصى حد لها .أما المستويات المعتدلة من الضغط
التي يرافقها بعض التحديات فيمكن أن تكون آثارها إيجابية على الأطفال ،وحتى الطفولة الصعبة
والضاغطة يمكن أن تدفع بعض الأطفال ليكونوا من ذوي التحصيل المرتفع ،ويبحثون أحيا ًنا عن حلول
للمشكلات الاجتماعية وغيرها.27
وفي الحقيقة أننا ق ّلما نعرف إمكاناتنا ما لم نجد أنفسنا في موقف صعب وضاغط .فالمعلمون
والمدربون الرياضيون والقادة الإداريون وغيرهم يعرفون تما ًما أن الأفراد يحتاجون إلى التحدي وأن
التوقعات العالية مفيدة لهم .والأطفال الموهوبون ،لحسن الحظ ،يبدؤون برسم مجموعة من التحديات
لأنفسهم في وقت مبكر من حياتهم ،مع أنهم يحددون ،أحيا ًنا ،معايير غير واقعية لأنفسهم وللآخرين.
لكنهم يتعلمون ،بتوجيه من الكبار ،أن يع ّدلوا هذه المعايير لتصبح واقعية ،ويدركوا إنجازاتهم ،ويكتشفوا
المتعة التي يحصلون عليها من تحقيق الأهداف التي كانت تبدو ،في بداية الأمر ،بعيدة المنال.
ويستطيع الأطفال الموهوبون ،بدل ًا من الاستجابة لتحديات يوفرها لهم أشخاص آخرون ،أن يتعلموا
تقوي ًما ذات ًيا .لكن الاعتماد على الآخرين في تحديد الأهداف وتقويمها يو ّلد في الأطفال ضغ ًطا متزاي ًدا بسبب
نقص قدرتهم على الضبط الذاتي .فالرياضيون الفائزون يحددون أهدافهم الشخصية بدلاً من الاعتماد كل ًيا
على ما يحدده لهم الآخرون .والاتجاه السائد في مجال العمال هو استعمال التقويم الذاتي والحوار الذاتي
بحيث يحصل الموظفون على مدخلات حول تحديد أهدافهم الخاصة وتحقيق نواتج إيجابية.
إن تحديد الأهداف ،بما في ذلك الأهداف متوسطة المدى ،ومحاولات تحقيقها ،وإتقان المهارات،
كلها خبرات تعلم ّية تز ّود الأطفال بفرص لتعلم المثابرة وتحمل الإحباط ،إضافة إلى تطوير الثقة .فمن
115