Page 142 - AParentsGuidetoGiftedChildren
P. 142
الفصل 6الح ّدة والكمال والتوتّر العصبي
فعلت أم ًرا غب ًيا في تلك اللحظة” ،أو “يبدو أنني لن انجح في هذا الأمر” ،بدل ًا من “هذا عمل رائع”،
أو “استمر في هذا النجاح!”.
فيما يأتي بعض الأمثلة على حديث النفس .يمر شخصان كبيران بتجربة تغيير مكان الوظيفة،
فيرى أحدهما ذلك على أنه حدث مرعب؛ بينما ينظر إليه الثاني على أنه فرصة ممتازة ويرحب بها.
وهناك طفل يحصل دائ ًما على تقدير “مقبول” ،لكنه يبتهج عندما يحصل على تقدير واحد بمستوى
“جيد ج ًدا؛ بينما طفل آخر يحصل في العادة على تقدير “ممتاز” ،فيشعر بالدمار عندما يحصل مرة
واحدة على تقدير “جيد ج ًدا” .ففي الحالتين السابقتين ،لم يكن الحدث ذاته هو من و ّلد الشعور
بالضغط أو الابتهاج ،وإنما الطريقة التي أدرك بها الشخص المعني ذلك الحدث وحديث النفس الذي
نجم عن ذلك الإدراك.
وحديث النفس عادة منتظمة لدرجة أن معظم الناس لا يدركون أنهم يستعملوه باستمرار .ويبدأ
الأطفال الموهوبون أحاديثهم الذاتية في وقت مبكر ج ًدا من حياتهم .فهم يبدؤون باستعمال حديث
النفس في سن الثانية أو الثالثة بسبب تطورهم الواضح في الجانب اللغوي .وكلما كان الطفل أصغر
عم ًرا ،استعمل حديث النفس بصوت عا ٍل ،كأن يقول مثل ًا“ :لا تنس أن تنظف أسنانك” .وعندما يكبرون
ويصبحون أكثر وع ًيا بما يحيط بهم ،يصبح حديثهم الذاتي أكثر خصوصية .وحديث النفس يساعد
الأطفال على تحقيق الضبط الذاتي لأنهم يكررون فيه ما يقوله أولياء أمورهم من تعليمات وتحذيرات
وتصويبات ،كأن يقولوا مثل ًا “يجب أن أكون حذ ًرا ج ًدا حتى لا تخرج القطة من المنزل” ،أو “يجب أن
لا أكون قاس ًيا مع أختي الصغيرة”.31
وغال ًبا ما يكون الن ّزاعون إلى الكمال ،الذين يفكرون بطريقة “إما الكل وإل ّا فلا” ،أكثر انتقا ًدا
لأنفسهم في أحاديثهم الذاتية .فإذا لم يستطيعوا تحقيق أهدافهم الشخصية ،فإنهم يق ّومون أنفسهم
بقسوة ،إلى درجة أنهم قد يعتقدون أنهم غير أكفاء أو أنهم أقل من زملائهم .32فبينما كان طفل
في الخامسة يصب الحليب في الكوب ،انسكب الحليب على الأرض فقال باك ًيا” “إنني طفل سيء”!
إن هؤلاء الأطفال ق ّلما يستغلون الوقت للاستمتاع بنجاحاتهم .قد ينظر الآخرون إلى توقعات هؤلاء
الأطفال على أنها غير واقعية ،لكن الأطفال يعتقدون أنهم يجب أن يتمكنوا من إنجاز أي مهمة ،مهما
كانت صعبة .ومن المحتمل أن الأطفال الموهوبين الذين يحققون إنجازات عالية المستوى يستعملون
حديث النفس السلبي وينتقدون أنفسهم بنا ًء على نظرتهم إلى أنفسهم التي تستند إلى جوانب النقص
في أدائهم .ويعاني الأطفال الموهوبون مرتفعو ومنخفضو التحصيل على حد سواء من مشاعر عدم
الكفاءة وينشغلون غال ًبا في الأحاديث الذاتية السلبية.33
يلعب حديث النفس دو ًرا رئي ًسا في حياة الأطفال اليومية ويرتبط ارتبا ًطا وثي ًقا بمفهوم الذات
وتقدير الذات .وبما أن العمليات الفكرية عند الأطفال الموهوبين متسارعة ج ًدا ،فإن أحاديثهم الذاتية
تكون سريعة بحيث تبدو لا شعورية .وبما أن حديث النفس يؤثر في أمزجتنا وسلوكنا ،فإن على الأطفال
الموهوبين أن يتعلموا إدارة هذا الحديث حتى يكون عامل ًا مساع ًدا لهم ،لا عامل ًا معي ًقا لتطورهم.
119