Page 222 - AParentsGuidetoGiftedChildren
P. 222
الفصل 10القيم والتقاليد والتف ّرد
ويمكن أن يكون الأصرار على تح ّدي القوانين ،أو التشكيك لغرض التساؤل فقط ،أو المخالفة ،طريقة
نبيلة في البحث عن الحقيقة .قد يجد آباء الأولاد المراهقين الموهوبين صعوبة بالغة في السماح
لأولادهم بتسريح شعورهم مثل ذنب الفرس ،أو وضع الأقراط في آذانهم ،في حين يشعر آباء الفتيات
باليأس عندما يرون أ ّن فتياتهم اللواتي ك ّن ج ّذابات معتنيات بأنفسه ّن ،أصبحن يرتدين بنطال «جينز»
ض ّي ًقا ومم ّز ًقا ،وقمي ًصا ض ّي ًقا في الأعلى .وقد يبدي الآباء انزعاجهم من وجهات نظر أطفالهم المضا ّدة
للمؤ ّسسات القائمة ،وعندما يقترب الأطفال الموهوبون من س ّن المراهقة ،فمن المحتمل أكثر ضي ًقا
بالتناقضات والنفاق الذي يرونه حولهم.
التق ّدم قد يأتي من تح ّدي التقاليد
على الرغم من أ ّن تح ّدي التقاليد السائدة يكون له ثمنه الباهظ معظم الأحيان ،إل ّا أ ّنه يجب
التخ ّلي عن كثير منها ،أو على الأق ّل تعديلها؛ كي يصبح عالمنا مكا ًنا أفضل ،ونتم ّكن من حماية بيئتنا،
والارتقاء بأساليب الحياة ،وإيجاد علاجات أفضل للأمراض .على سبيل المثال ،لقد واجهت النظر ّية
القائلة أن الأرض كروية وليست منبسطة معارضة شديدة لأنها اصطدمت بالأفكار التقليدية .وفي الفترة
الأخيرة ،تح ّولت المجموعات الغذائ ّية الأربع ،التي كانت تع ّد في الماضي دليل ًا على الطعام الصح ّي ،لما
ُيعرف اليوم بالهرم الغذائ ّي .واكتسبت الس ّيارات الهجينة شعب ّية على حساب س ّيارات البنزين .ولا شك
أن هذه التغ ّيرات ك ّلها كان لها ثمن ،وعانى الذين أوجدوها من مضايقات ،إ ّما شخص ّية ،أو مهن ّية .يرتبط
التق ّدم ،معظم الأحيان ،بوجوب مخالفة التقاليد ،والعادات ،والمعتقدات .غير أ ّنه يصعب على المرء أن
يتخ ّلى عن التقاليد القديمة بسهولة ،ح ّتى وإ ْن أدرك ضرورة تركها ،إذ لا زال معظم الناس مثل ًا ،يذهبون
إلى أعمالهم بس ّياراتهم -س ّيارة واحدة لك ّل شخص -بدل ًا من استعمال المواصلات العا ّمة.
وقد يزعجنا تجاهل الأطفال ،أو معارضتهم تقاليد العائلة أو المجتمع؛ إذ نع ّده إهانة لسلطتنا
وحكمتنا .وقد نكون مح ّقين في ذلك في بعض الأحيان ،لكن ّنا من جهة أخرى ،عشنا فترة طويلة رأينا
فيها كيف تغ ّيرت تقاليد كثيرة ،بما في ذلك طول الشعر وتصاميم الملابس ،ونعرف تما ًما أ ّن التغ ّيرات
ستأتي لا محالة مع ك ّل جيل جديد.
غال ًبا ما يكون الأطفال الموهوبون على صواب -بحكم قدرتهم الاستثنائ ّية على التحليل -عندما
يقولون إ ّن تقلي ًدا مع ّينا يجب أن يواجه ،أو ح ّتى أن يعارض( ،طب ًعا سيكون ذلك مقبولاً إن لم يكن هذا
التقليد من التقاليد التي نعتز بها ونرعاها) .في سبعين ّيات القرن الماضي مثل ًا ،بدأت الكثير من الأ ّمهات
الصغيرات العودة إلى العمل ،في حين كان الآباء يعتقدون بضرورة بقائه ّن في البيت مع أطفالهن-
حيث كان ذلك التقليد السائد ح ّتى ذلك الحين .ولا ريب أن عدم الإذعان للتقاليد ،أو تحديها ،غال ًبا
ما يقلق الناس ويزعجهم ويجعلهم يتساءلون« :لماذا ُيربكون الوضع الراهن؟ إلى أين سيوصلنا ذلك؟
نحن نفعله دائ ًما على هذا النحو» .هذا ما يتع ّلق بالكبار الذين يكتفون بالإعراب عن أسفهم ،أما عندما
يق ّدر الأطفال الموهوبون المثال ّيون كيف يمكن أن تكون الأشياء ،فإ ّنهم يحاولون معظم الأحيان تطبيق
ُم ُثلهم .فلماذا ننزعج؟ أليس ذلك ما نريدهم أن يفعلوه؟ ربما يكون السبب هو أ ّن التغيير قد يحدث
بشكل مفاجئ أحيا ًنا ،أو أسرع م ّما نح ّب.
199