Page 60 - HANDBOOKOFGIFTEDEDUCATION
P. 60

‫المرجع في تربية الموهوبين ‪55‬‬

‫على ال�شخ�صية أ�ي ً�ضا‪ ،‬وعلى كل ال�سمات وال�سلوكات التي‬                                     ‫قابلية توريث العامل (‪ )g‬تزداد مع تقدم ال�سن‬
‫در�ست حتى الآن‪ ،‬بما فيها الطول والوزن (با�ستثناء جنوح‬
                                                                                         ‫يلاحظ حتى في أ�و�ساط علماء الجينات‪ ،‬أ�ن التوقعات‬
                                   ‫ا ألحداث)‪.‬‬                                            ‫العامة ت�شير إ�لى أ�ن �أية �آثار جينية �سوف تتناق�ص تدريج ًيا‬
                                                                                         ‫مع التقدم في ال�سن؛ ب�سبب التعر�ض الأكبر لتقلبات الحياة؛‬
‫ولكن‪ ،‬كيف ي�صبح الذكاء جين ًيا أ�كثر مع تقدم ال�سن‪ ،‬في‬                                   ‫الجيدة‪ ،‬وال�سيئة على حد �سواء‪ .‬والحقيقة خلاف ذلك‪ ،‬حيث‬
‫حين تختفي الآثار الإيجابية وال�سلبية للعائلة؟ ترى النظرية‬                                ‫إ�ن قابلية توريث الذكاء ترتفع مع تقدم العمر‪ ،‬من نحو ‪%20‬‬
‫الرئي�سة في الوقت الراهن‪� ،‬أن النا�س‪� -‬إلى حد ما‪ -‬يبحثون‬                                 ‫في مرحلة الر�ضاعة‪ ،‬إ�لى ‪ %40‬في �سنوات ما قبل المدر�سة‪،‬‬
‫عن بيئاتهم الخا�صة وي�شكلونها‪ ،‬بنا ًء على ميولهم ونزعاتهم‬                                ‫�إلى ‪ %60‬في مرحلة المراهقة‪ ،‬و‪ %80‬في مرحلة الر�شد‪.‬‬
‫الجينية‪ .‬وترى نظرية «التمو�ضع البيئي» ‪Niche-seeking‬‬                                      ‫وعليه‪ ،‬يبلغ معامل الارتباط بين الاختلافات في الن�ش أ�ة‬
‫‪ ،theory, Scarr & McCartney, 1983‬التي ت�شبه نظرية‬                                        ‫النمطية (‪ ،)phenotypic‬واختلافات البنية الوراثية لمعدل‬
‫بو�شارد ورفاقه «الجينات‪ ،‬الدافع‪ ،‬الخبرة» ‪Genes-drive-‬‬                                    ‫الذكاء ‪( 0.9‬الجذر التربيعي ‪ ،)0.80‬وهذه نتيجة مذهلة‬
                                                                                         ‫ح ًقا‪ .‬وت�شير ال�شواهد ا ألخيرة �إلى �أن قابلية توريث التح�صيل‬
‫‪experience, Bouchard, Lykken, Tellegen, & McGue,‬‬                                         ‫الدرا�سي والقدرات الأ�ضيق في الطبقة الثانية للهرم‪ ،‬تزداد‬
                                                                                         ‫مع التقدم في العمر �أي ً�ضا (‪ .)Plomin et al., 2001‬وقد ينتج‬
‫‪)1994‬؛ �أن ا ألبناء يختارون ‪-‬على نحو متزايد‪ -‬بيئاتهم‪،‬‬                                    ‫هذا بالرغم من �أن لهذه القدرات قابلية للتوريث تقل عن العامل‬
‫ويغيرونها �إذا �أ�صبحوا م�ستقلين �أكثر عن عائلاتهم‪ .‬كما‬                                  ‫(‪� ،)g‬إل ّا �أن مكوناتها القابلة للتوريث تتداخل مع تلك المت�ضمنة‬

   ‫أ�نهم يجعلون بيئاتهم �أكثر تواف ًقا مع �أذواقهم وقدراته 	م‬                             ‫في العامل )‪.(Bouchard, 1998; Plomin et al., 2001) (g‬‬
‫الكامنة‪ ،‬التي تقوي ب�صورة أ�كبر تطور هذه ا ألذواق والقدرات‪.‬‬
‫�أ ّما ا آلثار العائلية الم�شتركة‪ ،‬فيتوقف ت�أثيرها في ال�سن التي‬                           ‫ا آلثار الم�شتركة للعائلة تختفي مع تقدم العمر‬

                        ‫يترك فيها ا ألبناء بيوتهم‪.‬‬                                       ‫وهنا كانت المفاج أ�ة الكبرى الثانية ذات العلاقة با آلثار‬
                                                                                         ‫البيئية على معدل الذكاء‪ .‬فقد افتر�ض علماء الجينات‬
‫تدعم نظريتا «التمو�ضع البيئي»‪ ،‬و«الجينات‪ ،‬الدافع‪،‬‬                                        ‫ال�سلوكيون أ�ي ً�ضا‪ ،‬ولمدة طويلة‪� ،‬أن هذه الآثار تتكون على‬
‫الخبرة»‪،‬فكرة أ�نللأفراددو ًرافيبناء أ�نف�سهموتحديدم�صير‬                                  ‫نطاق وا�سع من ا آلثار البيئية التي ي�شترك فيها ا إلخوة‪ ،‬ولكنها‬
‫حياتهم‪ ،‬وتو�ضح �أننا ل�سنا كائنات عاجزة لا حول لها ولا قوة‪،‬‬                              ‫تختلف بين العائلات ( نمط تن�شئة الوالدين للطفل‪ ،‬والدخل‪،‬‬
‫ت�شكلنا الوراثة �أو البيئة كما ت�شاء‪ .‬ويبدو أ�ن هاتين النظريتين‬                          ‫والتربية‪ ،‬وما �شابه ذلك)‪ .‬وفي الحقيقة‪ ،‬ف إ�ن مثل هذه‬
‫مت�سقتان مع الملاحظات الخا�صة بتربية الموهوبين‪ ،‬حيث �إن‬                                  ‫الت أ�ثيرات العائلية الم�شتركة تناف�س الت أ�ثيرات الجينية في‬
‫الكثيرينمنهملايي أ��سونفيمحاولاتهم إ�عادةت�شكيلبيئاتهم‪.‬‬                                  ‫الطفولة المبكرة‪ ،‬لكنها تختفي في مرحلة المراهقة‪ ،‬في حين‬
‫ا�ستنفر ديفيد‬  ‫كيف‬  ‫وواقلددتوه�صلفم�تساإ�يعليدتنه ِويعنلرى(ت‪6‬ع ّل‪9‬م‪ 9‬ا‪1‬ل‪,‬ق‪r‬ر‪e‬ا‪n‬ء‪n‬ة‪i‬ف‪W‬ي)‬  ‫ت�ستمر الجوانب غير الم�شتركة في البيئة في الت�أثير في معدل‬
‫ثلاث �سنوات‪.‬‬   ‫�سن‬                                                                       ‫الذكاء فقط‪ ،‬م ؤ�ثرة في فرد دون غيره في العائلة؛ كالمر�ض‪،‬‬
‫وعندما أ��صبح عمره ثلاث �سنوات ون�صف‪ ،‬تغا�ضت المكتبة‬                                     ‫والتعر�ض للإ�صابة‪ .‬وت�ؤدي هذه الآثار غير الم�شتركة �إلى جعل‬
‫عن عدد الكتب التي ي�ستطيع ا�ستعارتها‪ ،‬وبذلك لم تعد والدته‬
‫م�ضطرة إلح�ضاره إ�لى المكتبة كل يوم‪ ،‬ولا يهد أ� له بال قبل‬                                       ‫ا إلخوة في البيت الواحد أ�قل ت�شاب ًها عبر الزمن‪.‬‬
‫�أن يح�صل على إ�جابات مقنعة لأ�سئلة‪ ،‬مثل‪ :‬من �أين ت�أتي‬
‫الريح؟‪ .‬ومثال آ�خر‪ ،‬ق�صة الطفل مايكل (‪ )Michael‬ذي‬                                        ‫ُيبرز ا إلخوة بالتبني هاتين النتيجتين المده�شتين على نحو‬
‫ا ألعوام الثلاثة‪ ،‬الذي �أنهك والديه برغبته ال�شديدة في إ�تقان‬                            ‫متزامن‪ .‬فهم بمرور العمر ي�صبحون �أقل ت�شاب ًها مع �إخوتهم‬
‫الريا�ضيات؛ �إذ كان ي�ستقبل والده كل يوم‪ ،‬بعد عودته من‬                                   ‫و�آبائهم البيئيين‪ .‬ولكن‪ ،‬أ�كثر ت�شاب ًها مع إ�خوتهم البيولوجيين‬
‫العمل‪ ،‬بطلب ملح لي�شاركه النقا�ش حول كتب الريا�ضيات‪.‬‬                                     ‫الذين لم يقابلوهم �أب ًدا‪ .‬وبحلول مرحلة المراهقة‪ ،‬ف إ�ن‬
                                                                                         ‫الت�شابه بين ا إلخوة بالتبني لا يزيد ع ّما بينهم وبين الغرباء‪.‬‬
                       ‫طبيعة التن�شئ	ة	‬                                                  ‫وفي المقابل‪ ،‬ف إ�ن معامل الارتباط بين معدل ذكاء التوائم‬
                                                                                         ‫المتطابقة في مرحلة الر�شد‪ ،‬الذين ن�ش�ؤوا منف�صلين عن‬
‫لقد �أثبتت بحوث الجينات ال�سلوكية �أن العديد من البيئات‬                                  ‫بع�ضهم‪ ،‬يبلغ (‪ .)0.78-0.72‬وكذلك الحال بالن�سبة �إلى‬
‫(مثل ظروف التن�شئة) والأحداث (خبرة الزواج‪ ،‬وفقدان‬                                        ‫التوائم المتطابقة الذين ن�ش ؤ�وا م ًعا ‪(Plomin et al., 2001,.‬‬
‫العمل‪ ،‬وما إ�لى ذلك) التي نعي�شها‪ ،‬هي‪ -‬إ�لى حد ما‪ -‬جينية‬                                 ‫)‪ p.168‬وما هو �صحيح بالن�سبة إ�لى العامل العام (‪ ،)g‬ينطبق‬
‫من حيث ا أل�صل؛ �أي �أنها من نتاجات بنيتنا الوراثية ‪(Plomin‬‬
‫)‪ .et al., 2001‬وعليه‪ ،‬ف�إن البيئات لي�ست خارجية بالكامل‪،‬‬
   55   56   57   58   59   60   61   62   63   64   65