Page 61 - HANDBOOKOFGIFTEDEDUCATION
P. 61

‫‪ 56‬تربية الموهوبين بين ذكاء العلم وال�سيا�سات‬

‫أ��أكنثارلانالأ��سسباالذبي إ�ثناريةمتلللكاورتنب أ�انمطاب ًيطان اجلينجيينةامتخوتاللفبيةئة(‪،‬الفتخكجمل‪،‬ن‬  ‫أ� ّما‬  ‫بل هي تمثل‪� -‬إلى درجة ما‪ -‬امتدا ًدا ألنماط التن�شئة التي‬
                                                                                                       ‫في‬      ‫ُتع ّبر عن الجينات الخا�صة بنا‪ .‬وبنا ًء على ذلك‪ ،‬ف�إن العديد‬
‫والعدوانية‪ ،‬والذكاء العالي‪ ،‬وما �شابه ذلك) ي�ستثيرون‬                                                           ‫من بيئات الحياة و�أحداثها تتحول لت�صبح ‪ -‬إ�لى حد ما‪-‬‬
‫ا�ستجابات مختلفة من بيئاتهم‪ ،‬وين�شطون في تطوير بيئات‬                                                           ‫قابلة للتوريث ‪(Plomin, 1994; Plomin & Bergeman,‬‬
‫مختلفة ألنف�سهم‪ .‬وت�سمى هذه الارتبطات على التوالي‪ :‬جينية‬                                                       ‫)‪ .1991‬وبالرغم من �أن البيئات ت�ستطيع أ�ن ت�شكلنا‪ ،‬إ�ل ّا �أنها‬
‫بيئية ارتدادية (‪ ،)reactive‬ون�شطة (‪ .)active‬وقد تمكن‬                                                           ‫نف�سها تت�شكل جزئ ًيا بو�ساطة الجينات الجمعية للعائلة‪ .‬وكما‬
‫ديفيد (‪ )David‬ومايكل (‪)Michael‬الم�شار إ�ليهما في وينر‬                                                          ‫يقول علماء الجينات ال�سلوكيون‪« :‬ف إ�ن هذا هو فعل الطبيعة‬
‫(‪ )Winner ,1996‬من عر�ض كلتا العمليتين‪.‬‬
                                                                                                                                             ‫بو�ساطة الطبيعة»‪.‬‬

‫وفي المقابل‪ ،‬فهناك ت�ضمينات عملية مهمة ل�صورة‬                                                                  ‫فالجدل الدائر‪ ،‬إ�ذن‪ ،‬لا يتعلق ب أ�يهما الم�سيطر‪ :‬الوراثة أ�م‬
‫الع�ضوية الن�شطة‪ ،‬كما ت�شير البحوث الجينية ال�سلوكية‪ .‬وتبين‬                                                    ‫م ًعا‪ .‬فالقوتان لي�ستا م�ستقلتين‬  ‫البيئة‪ ،‬بل كيف تعمل الاثنتان‬
‫أ�مثنلالهحذكاماةللتاوتجقهت�مضقيبومل ًا؛حاوأللنة‬  ‫ظاهرة التفاعل الجيني‪ -‬البيئي‬                                  ‫تلتقي مع ا ألخرى‪ .‬والظاهرتان‬      ‫�أو متوازيتين‪ ،‬لكن كل ًّا منهما‬
                                                 ‫فر�ض بيئات متطابقة‪ .‬ولا ُيع ّد‬                                ‫اللتان تو�ضحان ذلك مرتبطتان بقوة بفهم الموهبة‪ .‬فالأنماط‬
‫التدري�س الذي ُيع ّد مفي ًدا للطلاب الذين يملكون عامل (‪)g‬‬                                                      ‫الجينية ت�ؤثر في ح�سا�سيتنا للبيئات‪ ،‬ومن ثم ت ؤ�ثر في تعر�ضنا‬
‫منخف ً�ضا‪ ،‬قد يعيق تقدم ه ؤ�لاء الذين يملكون عامل (‪)g‬‬                                                          ‫لهذه البيئات‪ .‬وفيما يتعلق بالح�سا�سية‪ ،‬ف�إن الفروق الجينية‬
‫مرتف ًعا‪ ،‬والعك�س �صحيح‪ .‬ومن الناحية المثالية‪ ،‬ت�شير هذه‬                                                       ‫تجعل النا�س ‪ -‬في الغالب‪ -‬ي�ستجيبون بطرائق متمايزة‬
‫الظاهرة إ�لى أ�ن البيئات الملائمة جين ًيا تلعب دو ًرا رئي�ًسا في‬                                               ‫ل ألدوية المتماثلة‪ ،‬و�ضغوط الحياة‪ ،‬وتعليمات القراءة‪ ،‬وما‬
‫تعظيم الإمكانات الكامنة المختلفة عند الأطفال‪.‬‬                                                                  ‫إ�لى ذلك‪ .‬ويعرف الأطباء والمربون كافة �أن العلاجات التي‬
                                                                                                               ‫ُتعطى �أول مرة‪ ،‬قد تفيد بع�ض ا ألفراد‪ ،‬ولا تنفع غيرهم‪،‬‬
‫وفي الحقيقة‪ ،‬ف�إن ظاهرة الارتباط الجيني‪ -‬البيئي تقلل‬                                                           ‫وربما ت ؤ�ذيهم‪ .‬وبلغة علماء الجينات ال�سلوكيين‪ ،‬ف�إن ذلك‬
‫من قيمة و�أهمية الجهود الهادفة إ�لى جعل البيئات مت�ساوية‪.‬‬                                                      ‫يحدث ب�سبب التفاعلات الجينية‪-‬البيئية‪ .‬والتطبيقات‬
‫و�سوف يتعامل ا ألفراد المختلفون جين ًيا مع البيئات‪ ،‬من‬                                                         ‫العملية لذلك في مجال تربية الموهوبين‪ ،‬تكون في البيئة‬
‫حيث الا�ستعمال‪� ،‬أو �سوء الا�ستعمال‪� ،‬أو التعديل‪� ،‬أو التف�سير‬                                                 ‫المدر�سية المثلى‪ ،‬التي تتمكن من توفير قائمة طويلة من‬
‫بطرائق مختلفة‪ .‬ويبدو �أنه ي�ستحيل توفير بيئات متماثلة‬                                                          ‫الفر�ص لمدى وا�سع من ا ألنماط الجينية‪ .‬وبطبيعة الحال‪،‬‬
                                                                                                               ‫ف إ�ن هذه الأخبار هي �شديدة الوط�أة على الآباء والمربين م ًعا‪.‬‬
                           ‫لأنا�س مختلفين جين ًيا‪.‬‬                                                             ‫فهم يعرفون �أن الطلاب لا ي�ستجيبون جمي ًعا بالطريقة نف�سها‬

‫و�سواء �أكانت الجهود الرامية لجعل البيئات مت�ساوية جادة‪،‬‬                                                       ‫لطرائق المعالجة ذاتها؛ �سواء �أكانت تربوية‪ ،‬أ�م غير ذلك‪.‬‬
‫�أم لا قيمة لها‪ ،‬فالظاهر أ�ن كثي ًرا من ال�سيا�سات التربوية‬                                                    ‫وهذه فكرة مت�سقة في تربية الموهوبين على وجه الخ�صو�ص‪.‬‬
‫موجهة نحو ذلك‪ ،‬حيث تقدم المدار�س خدمات مت�شابهة‬                                                                ‫تونقبدع أ��–ضاجفزئت ًياب‪-‬حومثنالا ألجنينماياطتاالل�جسيلنويكةيةالدفليريل ًادةعلالىت �أيننوفلردديبتهناا‬
‫للطلاب كافة‪ ،‬با�ستثناء ذوي �صعوبات التع ّلم‪ .‬ويكون معيار‬
‫النجاح النهائي‪ ،‬تمكن الطلاب جميعهم من �إتقان المادة‬                                                            ‫جمي ًعا (با�ستثناء التوائم المتماثلة)‪ .‬وكما هو الحال بالن�سبة‬
‫نف�سها‪ .‬وهذه هي العقبة التربوية الك أ�داء‪ ،‬التي يجب على‬                                                        ‫إ�لى النباتات‪ ،‬ف إ�ن بع�ضنا يذبل في بيئات قد ينمو فيها �آخرون‬
‫تربية الموهوبين تذليلها دو ًما‪ .‬وا أل�سو�أ من‬    ‫المدافعين عن‬                                                  ‫بقوة‪ .‬وهكذا‪ ،‬بالرغم من �أن المدار�س قد لا تكون قادرة على‬
‫تركيزهم على الطاقات العقلية الكامنة لدى‬          ‫ذلك �أي ً�ضا‪� ،‬أن‬                                             ‫خلق الموهبة‪ ،‬ف�إنها ت�ستطيع توفير الظروف ا أل�سا�سية لنمو‬
‫الطلاب الموهوبين‪ ،‬هي التي تجعلهم متميزين عن غيرهم‪.‬‬                                                             ‫الموهبة‪ ،‬وتقديمها إ�نجازات كبيرة‪.‬‬
‫إ�نه بال�ضبط «التفوق الفطري» لبع�ض الأفراد على غيرهم‪،‬‬
‫وهو ما ت�شمئز المدار�س من الاعتراف به؛ �إذ �إنها تدعو إ�لى‬                                                     ‫وت�شير الظاهرة الثانية‪ ،‬الم�شتقة جين ًيا من التعر�ض للبيئة‪،‬‬
‫جعل الطلاب يتطورون دون م�ساعدة من غيرهم‪ .‬وتحتل‬                                                                 ‫إ�لى الارتباط الجيني‪ -‬البيئي‪ .‬وهي تعني بب�ساطة �أن ا ألفراد‬
‫م�س�ألة الجينات موق ًعا متقد ًما في الواقع ال�سيا�سي المعا�صر‪،‬‬                                                 ‫المتميزين جين ًيا (�أنماط جينية مختلفة) لي�سوا موزعين‬
‫الذي ي�ستدعي �إيجاد الظروف التربوية المنا�سبة للفردية‬                                                          ‫ع�شوائ ًيا في البيئات‪ ،‬بل يميلون إ�لى التجمع في بيئات مختلفة‪.‬‬
‫للتعبير عن نف�سها‪ ،‬وتحقيق الإمكانات الكامنة للموهوبين‪،‬‬                                                         ‫ويحدث ذلك جزئ ًيا؛ ألن جينات الوالدين التي تنتج النمط‬
‫بالرغم من حقيقة �أن مثل هذه الظروف �سينتج عنها قدر‬                                                             ‫الجيني للطفل‪ ،‬ت ؤ�ثر في البيئة التي يوفرها ا آلباء للطفل �أي ً�ضا‪.‬‬
                                                 ‫�أكبر من اللام�ساواة‪.‬‬                                         ‫ويطلق على ذلك ا�سم الارتباط ال�سلبي بين الجينات والبيئة‪.‬‬
   56   57   58   59   60   61   62   63   64   65   66